بعد الفتح أربعة أشهر يختارون أمرهم، إما أن يسلموا، وإما أن يلحقوا بأي بلاد شاؤوا، فأسلموا قبل الأربعة أشهر، (1) وقيل: هم من قبائل بكر بنو خزيمة وبنو مدلج وبنو ضمرة وبنو الدئل، وهم الذين كانوا قد دخلوا في عهد قريش يوم الحديبية إلى المدة التي كانت بين رسول الله صلى الله عليه وآله وبين قريش، فلم يكن نقضها إلا قريش و بنو الدئل من بكر، فامر بإتمام العهد لمن لم يكن له نقض إلى مدته، وهذا أقرب إلى الصواب " فما استقاموا لكم " على العهد " فاستقيموا لهم " كذلك " إن الله يحب المتقين " للنكث والغدر " كيف وإن يظهروا عليكم " أي كيف يكون لهم عهد، أو كيف لا تقتلونهم وهم بحال إن يظفروا بكم " لا يرقبوا " أي لا يحفظوا ولا يراعوا فيكم " إلا ولا ذمة " أي قرابة ولا عهدا، والال: القرابة، أو الحلف وقيل الال، اسم الله " يرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبهم " أي يتكلمون بكلام الموالين لكم لترضوا عنهم وتأبى قلوبهم إلا العداوة والغدر " وأكثرهم فاسقون " أي متمردون في الشرك، وقيل: أراد كلهم، وقيل المعنى أكثرهم خارجون عن طريق الوفاء بالعهد وأراد بذلك رؤساءهم " اشتروا بآيات الله ثمنا قليلا فصدوا عن سبيله " أي أعرضوا عن دين الله وصدوا الناس عنه بشئ يسير نالوه من الدنيا، ورد في قوم من العرب جمعهم أبو سفيان على طعامه ليستميلهم إلى عداوة النبي صلى الله عليه وآله، وقيل: ورد في اليهود الذين كانوا يأخذون الرشاء من العوام على الحكم بالباطل " إنهم ساء ما كانوا يعملون " أي بئس العمل عملهم " لا يرقبون " إلى قوله: " هم المعتدون " أي المجاوزون الحد في الكفر والطغيان، وكرر للتأكيد، أو الأولى في طائفة، والثانية في أخرى " فإن تابوا " إلى قوله: " فإخوانكم في الدين " أي فعاملوهم معاملة إخوانكم من المؤمنين " ونفصل الآيات " أي نبينها " لقوم يعلمون " ذلك ويبينونه (2) " فإن (3) نكثوا " أي نقضوا " أيمانهم " أي عهودهم وما حلفوا عليه " من بعد
(٢٧٠)