وخمسمائة سيف، فقبل ذلك منه وأقبل به إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فحقن دمه وصالحه على الجزية.
وفي كتاب دلائل النبوة للشيخ أبي بكر أحمد البيهقي: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وذكر الاسناد مرفوعا إلى أبي الأسود عن عروة قال: لما رجع رسول الله صلى الله عليه وآله قافلا من تبوك إلى المدينة حتى إذا كان ببعض الطريق مكر به ناس من أصحابه، فتأمروا (1) أن يطرحوه من عقبة في الطريق أرادوا أن يسلكوها معه، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وآله خبرهم، فقال: من شاء منكم أن يأخذ بطن الوادي فإنه أوسع لكم، فأخذ النبي صلى الله عليه وآله العقبة، وأخذ الناس بطن الوادي إلا النفر الذين أرادوا المكر، به استعدوا وتلثموا وأمر رسول الله صلى الله عليه وآله حذيفة بن اليمان وعمار بن ياسر فمشيا معه مشيا، وأمر عمارا أن يأخذ بزمام الناقة، وأمر حذيفة بسوقها، فبينا هم يسيرون إذ سمعوا وكزة (2) القوم من ورائهم قد غشوه، فغضب رسول الله صلى الله عليه وآله وأمر حذيفة أن يراهم، (3)، فرجع ومعه محجن فاستقبل وجوه رواحلهم وضربها ضربا (4) بالمحجن، وأبصر القوم وهم متلثمون، فرعبهم الله حين أبصروا حذيفة وظنوا أن مكرهم قد ظهر عليه، فأسرعوا حتى خالطوا الناس، وأقبل حذيفة حتى أدرك رسول الله صلى الله عليه وآله، فلما أدركه قال: اضرب الراحلة يا حذيفة، وامش أنت يا عمار فأسرعوا فخرجوا من العقبة ينتظرون الناس، فقال النبي صلى الله عليه وآله: يا حذيفة هل عرفت من هؤلاء الرهط أو الركب أحدا؟ فقال حذيفة: عرفت راحلة فلان وفلان، وكان ظلمة الليل غشيتهم وهم متلثمون، فقال صلى الله عليه وآله: هل علمتم ما شأن الركب وما أرادوا؟
قالوا: لا يا رسول الله، قال: فإنهم مكروا ليسيروا معي حتى إذا أظلمت بي العقبة طرحوني منها، قالوا: أفلا تأمر بهم يا رسول الله إذا جاؤوك الناس فتضرب أعناقهم؟
قال: أكره أن يتحدث الناس ويقولون: إن محمدا قد وضع يده في أصحابه، فسماهم لهما ثم قال: اكتماهم.