أشباه المنافقين مع رسول الله صلى الله عليه وآله أيضا قصد (1) إلى تخريب المساجد بالمدينة، و إلى تخريب مساجد الدنيا كلها بما هموا به من قتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام بالمدينة، ومن قتل رسول الله صلى الله عليه وآله في طريقهم إلى العقبة، ولقد زاد الله في ذلك السير إلى تبوك في بصائر المستبصرين وفي قطع معاذير متمرديهم زيادات تليق بجلال الله وطوله (2) على عباده، منها لما كانوا (3) مع رسول الله صلى الله عليه وآله في مسيره (4) إلى تبوك قالوا: لن نصبر على طعام واحد، كما قالت بنو إسرائيل لموسى عليه السلام، وكانت آية رسول الله صلى الله عليه وآله الظاهرة لهم في ذلك أعظم من الآية الظاهرة لقوم موسى، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وآله لما أمر بالمسير إلى تبوك أمر بأن يخلف عليا بالمدينة، فقال علي عليه السلام: يا رسول الله ما كنت أحب أن أتخلف عنك في شئ من أمورك، وأن أغيب عن مشاهدتك، والنظر إلى هديك وسمتك، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا علي أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي (5) وإن لك في مقامك من الاجر مثل الذي يكون لك لو خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وآله، ولك مثل أجور كل من خرج مع رسول الله صلى الله عليه وآله موفيا (6) طائعا، وإن لك على الله يا علي لمحبتك (7) أن تشاهد من محمد سمته في سائر أحواله إن الله يأمر جبرئيل في جميع مسيرنا هذا أن يرفع الأرض التي نسير عليها، والأرض التي تكون أنت عليها، ويقوي بصرك حتى تشاهد محمدا وأصحابه، في سائر أحوالك وأحواله، فلا يفوتك الانس من رؤيته ورؤية أصحابه، ويغنيك ذلك عن المكاتبة والمراسلة، فقام إليه رجل من مجلس زين العابدين عليه السلام لما ذكر هذا وقال: (8) يا بن رسول الله كيف يكون هذا لعلي؟ إنما يكون هذا للأنبياء دون غيرهم (9)
(٢٣٨)