ورى بغيرها إلا غزاة تبوك، فإنه عرفهم أنه يريدها (1) وأمرهم أن يتزودوا لها فتزودوا لها دقيقا كثيرا يختبزونه في طريقهم، ولحما مالحا وعسلا وتمرا، و كان زادهم كثيرا، لان رسول الله كان حثهم على التزود لبعد الشقة، وصعوبة المفاوز، وقلة ما بها من الخيرات، فساروا أياما، وعتق طعامهم، وضاقت من بقاياه صدورهم، فأحبوا طعاما طريا، فقال قوم منهم: يا رسول الله قد بشمنا (2) هذا الذي معنا من الطعام فقد عتق، وصار يابسا (3) وكاد يريح ولا صبر لنا عليه فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما معكم؟ قالوا: خبز ولحم قديد مالح (4) وعسل وتمر فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: فأنتم الآن كقوم موسى لما قالوا: (5) لن نصبر على طعام واحد، فما (6) الذي تريدون؟ قالوا: نريد لحما طريا قديدا ولحما مشويا من لحم الطيور (7) ومن الحلواء المعمول، قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ولكنكم تخالفون في هذه الواحدة بني إسرائيل، لأنهم أرادوا البقل والقثاء والفوم والعدس والبصل فاستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير، وأنتم تستبدلون الذي هو أفضل بالذي هو دونه، وسوف أسأله (8) لكم ربي، قالوا: يا رسول الله فإن فينا من يطلب مثل ما طلبوا من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها، فقال (9) رسول الله صلى الله عليه وآله:
سوف يعطيكم الله ذلك بدعاء رسول الله صلى الله عليه وآله (10) يا عباد الله إن قوم عيسى لما سألوا عيسى أن ينزل عليهم مائدة من السماء قال الله: " إني منزلها عليكم فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين (11) " فأنزلها عليهم، فمن