من نصيحتك فيتهمني ويخافني فيقتلني، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: إنك إذا بلغت أصل (1) العقبة فاقصد أكبر صخرة هناك إلى جانب أصل العقبة وقل لها: إن رسول الله صلى الله واله يأمرك أن تنفرجي لي حتى جوفك ثم، يأمرك أن ينثقب فيك ثقبة (2) أبصر منها المارين، ويدخل علي منها الروح لئلا أكون من الهالكين، فإنها تصير إلى ما تقول لها بإذن الله رب العالمين، فأدى حذيفة الرسالة، ودخل جوف الصخرة، وجاء الأربعة والعشرون على جمالهم وبين أيديهم رجالتهم (3)، يقول بعضهم لبعض: من رأيتموه ههنا كائنا من كان فاقتلوه لئلا يخبروا محمدا أنهم قد رأونا هنا فينكص محمد، ولا يصعد هذه العقبة إلا نهارا فيبطل تدبيرنا عليه، فسمعها حذيفة واستقصوا فلم يجدوا أحدا، وكان الله قد ستر حذيفة بالحجر عنهم فتفرقوا فبعضهم صعد على الجبل وعدل عن الطريق المسلوك، وبعضهم وقف على سفح (4) الجبل عن يمين وشمال، وهم يقولون: ألا ترون (5) حين محمد كيف أغراه، بأن يمنع الناس من صعود العقبة (6) حتى يقطعها هو لنخلو به ههنا فيمضي (7) فيه تدبيرنا وأصحابه عنه بمعزل، وكل ذلك يوصله الله من قريب أو بعيد إلى اذن حذيفة ويعيه حذيفة فلما تمكن القوم على الجبل حيث أرادوا كلمت الصخرة حذيفة وقالت: انطلق الآن إلى رسول الله فأخبره بما رأيت وما سمعت، قال حذيفة: كيف أخرج عنك وإن رآني القوم قتلوني مخافة على أنفسهم من نميمتي عليهم؟ قالت الصخرة: إن الذي مكنك في جوفي (8)، وأوصل إليك الروح من الثقبة التي أحدثها في هو الذي
(٢٣٠)