19 - أقول: قال الطبرسي - رحمه الله - في مجمع البيان: ذكر أهل التفسير وأصحاب السير أن رسول الله صلى الله عليه وآله لما افتتح مكة خرج منها متوجها إلى حنين لقتال هوازن وثقيف في آخر شهر رمضان، أو في شوال سنة ثمان من الهجرة، و ذكر القصة نحوا مما مر إلى أن ذكر هزيمة المسلمين ونداء العباس، ثم قال:
فلما سمع المسلمون صوت العباس تراجعوا وقالوا: لبيك لبيك، وتبادر الأنصار خاصة، ونزل النصر من عند الله، وانهزمت هوازن هزيمة قبيحة، فمروا في كل وجه، ولم يزل المسلمون في آثارهم، ومر مالك بن عوف فدخل حصن الطائف، و قتل منهم زهاء مائة رجل، وأغنم الله المسلمين أموالهم ونساءهم، وأمر رسول الله صلى الله عليه وآله بالذراري والأموال أن تحدر إلى الجعرانة، وولى على الغنائم بديل بن ورقاء الخزاعي، ومضى عليه السلام في أثر القوم فوافى الطائف في طلب مالك بن عوف وحاصر أهل الطائف بقية الشهر، فلما دخل ذو القعدة انصرف إلى (1) الجعرانة و قسم بها غنائم حنين، وأوطاس.
قال سعيد بن المسيب: حدثني رجل كان في المشركين يوم حنين قال: لما التقينا نحن وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله لم يقفوا لنا حلب شاة، فلما كشفناهم جعلنا نسوقهم حتى انتهينا إلى صاحب البغلة الشهباء يعني رسول الله صلى الله عليه وآله فتلقانا رجال بيض الوجوه فقالوا لنا: شاهت الوجوه ارجعوا، فرجعنا وركبوا أكتافنا، فكانوا إياها، يعني الملائكة.
قال الزهري: وبلغني أن شيبة بن عثمان قال: استدبرت رسول الله صلى الله عليه وآله يوم حنين وأنا أريد أن أقتله بطلحة بن عثمان وعثمان بن طلحة، وكانا قد قتلا يوم أحد، فأطلع الله رسوله على ما في نفسي فالتفت إلي وضرب في صدري، وقال:
" أعيذك بالله يا شيبة " فأرعدت فرائصي، فنظرت إليه وهو أحب إلي من سمعي و بصري، فقلت: أشهد أنك رسول الله، وأن الله أطلعك على ما في نفسي.