بكائي؟!) (1).
وعن أنس بن مالك قال: دخلت مع رسول الله صلى الله عليه وآله على أبي سيف القين، وكان ظئرا (2) لإبراهيم عليه السلام، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله يقبله، ويشمه (3)، ثم دخل عليه بعد ذلك وإبراهيم عليه السلام يجود بنفسه، فجعلت عينا رسول الله صلى الله عليه وآله تذرفان، فقال له عبد الرحمن بن عوف: وأنت يا رسول الله (4)؟ فقال: (يا ابن عوف، إنها رحمة - ثم أتبعها بأخرى، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله -: العين تدمع، والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا لفراقك - يا إبراهيم - لمحزونون) (5).
وعن أسماء ابنة زيد قالت: لما توفي ابن رسول الله صلى الله عليه وآله - إبراهيم عليه السلام - بكى رسول الله صلى الله عليه وآله. فقال له المعزي: أنت أحق من عظم الله عز وجل حقه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: (تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول ما يسخط الرب، لولا أنه وعد حق وموعود جامع وأن الآخر تابع للأول، لوجدنا عليك (يا إبراهيم - أفضل مما وجدناه، وإنا بك لمحزونون) (6).
وعن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله بيد عبد الرحمن بن عوف فأتى إبراهيم وهو يجود بنفسه فوضعه في حجره، فقال له: (يا بني، إني لا أملك لك من الله تعالى شيئا) وذرفت عيناه، فقال له عبد الرحمن:
يا رسول الله تبكي، أو لم تنه عن البكاء؟ فقال صلى الله عليه وآله: (إنما نهيت عن النوح، عن صوتين أحمقين فاجرين: صوت عند نغمة لعب ولهو ومزامير شيطان، وصوت عند مصيبة، خمش وجوه وشق جيوب ورنة شيطان، إنما هذه رحمة، ومن لا يرحم لا يرحم، ولولا أنه أمر حق ووعد صدق وسبيل نأتيه وأن آخرنا سيلحق أولنا، لحزنا عليك حزنا أشد من هذا، وإنا بك لمحزونون، تبكي العين ويحزن القلب ولا نقول