فصل وقال الصادق عليه السلام: (الصبر يظهر ما في بواطن العباد من النور والصفاء، والجزع يظهر ما في بواطنهم من الظلمة والوحشة، والصبر يدعيه كل أحد، ولا يبين عنده إلا المخبتون، والجزع ينكره كل أحد، وهو أبين على المنافقين، لأن نزول المحنة والمصيبة، يخبر عن الصادق والكاذب.
وتفسير الصبر ما يستمر مذاقه، وما كان عن اضطراب لا يسمى صبرا، وتفسير الجزع اضطراب القلب، وتحزن الشخص، وتغير اللون، وتغير الحال، وكل نازلة خلت أوائلها عن الإخبات والإنابة والتضرع إلى الله تعالى، فصاحبها جزوع غير صابر، (والصبر ما أوله مر، وآخره حلو لقوم، ولقوم مر أوله وآخره، فمن دخله من أواخره فقد دخل) (١) ومن دخله من أوائله فقد خرج، ومن عرف قدر الصبر لا يصبر عما منه الصبر (٢).
قال الله عز وجل في قصة موسى والخضر عليهما السلام: ﴿وكيف تصبر على ما لم تحبط به خبرا﴾ (٣) فمن صبر كرها ولم يشك إلى الخلق، ولم يجزع بهتك ستره، فهو من العام، ونصيبه ما قال الله عز وجل: ﴿وبشر الصابرين﴾ (٤) أي: بالجنة والمغفرة، ومن استقبل البلاء بالرحب، وصبر على سكينة، ووقار، فهو من الخاص، ونصيبه ما قال الله عز وجل: ﴿ان الله مع الصابرين﴾ (5)) (6).