(من العذاب الأليم والعقاب العظيم) (1)، الذي لا يطيقه بشر، ولا يقوى به أحد، مع أن ولدك مشاركك في هذه السعادة، فقد فزت أنت وهو، فلا ينبغي أن تجزع.
ومثل لنفسك: أنه لو دهمك أمر عظيم، أو وثب عليك سبع أو حية، أو هجمت عليك نار مضرمة، وكان عندك أعز أولادك، وحبهم إلى نفسك، وبحضرتك نبي من الأنبياء، لا ترتاب في صدقه، وأخبرك: أنك إن افتديت بولدك سلمت أنت وولدك، وإن لم تفعل عطبت، و (الحال أنك) (2) لا تعلم هل يعطب ولدك، أو يسلم؟
أيشك عاقل أن الافتداء بالولد الذي يتحقق معه سلامة الولد، ويرجى معه - أيضا - سلامة الوالد، هو عين المصلحة، وأن عدم ذلك، والتعرض لعطب الأب والولد هو عين المفسدة! بل ربما قدم كثير من الناس نفسه على ولده، وافتدى به وإن تيقن عطب الولد، كما اتفق ذلك في المفاوز (3) والمخمصة (4).
هذا كله في نار وعطب ينقضي ألمه في ساعة واحدة، وربما ينتقل بعده إلى الراحة والجنة، فما ظنك بألم يبقى أبد الآباد، ويمكث سنين!؟ وإن يوما عند ربك منها كألف سنة مما تعدون، ولو رآها أحدنا، وأشرف عليها، لود أن يفتدي ببنيه وصاحبته وأخيه وفصيلته التي تؤويه ومن في الأرض جميعا ثم ينجيه كلا إنها لظى نزاعة للشوى تدعو من أدبر وتولى وجمع فأوعى (5).
ومن هنا جاء ما ورد عن النبي صلى الله عليه وآله، أنه قال لعثمان بن مظعون رضي الله عنه، وقد مات ولده، فاشتد حزنه عليه: (يا ابن مظعون، إن للجنة ثمانية أبواب، وللنار سبعة أبواب، أفما يسرك أن لا تأتي بابا منها إلا وجدت ابنك إلى جنبه (6)، آخذا بحجزتك يستشفع لك إلى ربك (7)، حتى يشفعه الله تعالى؟).
وسيأتي له نظائر كثيرة إن شاء الله.
الثالث: إنك إنما تحب بقاء ولدك لينفعك في دنياك، أو في آخرتك، ولا تريد