وعن جابر رضي الله عنه قال: رسول الله صلى الله عليه وآله: (قال لي جبرئيل عليه السلام، يا محمد، عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك ملاقيه) (1).
وروي: أنه كان في بني إسرائيل رجل فقيه عابد عالم مجتهد، وكانت له امرأة، وكان بها معجبا، فماتت فوجد عليها وجدا شديدا، حتى خلافي بيت وأغلق على نفسه واحتجب عن الناس فلم يكن يدخل عليه أحد.
ثم إن امرأة من بني إسرائيل سمعت به، فجاءته فقالت: لي إليه حاجة استفتيه فيها، ليس يجزيني إلا أن أشافهه بها، فذهب الناس، ولزمت الباب، فأخبر، فأذن لها، فقالت: أستفتيك في أمره، فقال: ما هو؟ قالت: إني استعرت من جارة لي حليا، فكنت ألبسه زمانا، ثم إنهم أرسلوا إلي فيه، أفأرده إليهم؟ قال: نعم، قالت: والله إنه قد مكث عندي زمانا طويلا (2)، قال: ذاك أحق لردك إياه، فقالت له: رحمك الله، أفتأسف على ما أعارك الله عز وجل، ثم أخذه منك، وهو أحق به منك؟ فأبصر ما كان فيه، ونفعه الله بقولها (3).
وعن أبي الدرداء قال: كان لسليمان بن داود عليهما السلام ابن يحبه حبا شديدا، فمات فحزن عليه حزنا شديدا، فبعث الله - تعالى - إليه ملكين في هيئة البشر، فقال: (ما أنتما؟ قالا: خصمان، قال: اجلسا بمنزلة الخصوم، فقال: أحدهما: إني زرعت زرعا فأتى هذا فأفسده، فقال سليمان عليه السلام: ما يقول؟ قال:
أصلحك الله إنه زرع في الطريق، وإني مررت به فنظرت يمينا وشمالا فإذا الزرع، فركبت قارعة الطريق، فكان في ذلك فساد زرعه، فقال سليمان عليه السلام، ما حملك على أن تزرع في الطريق، أما علمت أن الطريق سبيل الناس، ولا بد للناس من أن يسلكوا سبيلهم؟ فقال له أحد الملكين: أو ما علمت - يا سليمان - أن الموت سبيل الناس، ولا بد للناس من أن يسلكوا سبيلهم؟) قال: فكأنما كشف عن سليمان عليه السلام الغطاء، ولم يجزع على ولده بعد ذلك.
رواه ابن أبي الدنيا (4).