البكاء! فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: (إنما هي رحمة يجعلها الله في قلوب عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء) (1).
ولما أصيب جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه أتى رسول الله صلى الله عليه وآله أسماء رضي الله عنها، فقال لها: (أخرجي إلي ولد جعفر، فخرجوا إليه، فضمهم إليه وشمهم ودمعت عيناه، فقالت: يا رسول الله، أصيب جعفر؟ قال: نعم، أصيب اليوم) (2).
قال عبد الله بن جعفر: أحفظ حين دخل رسول الله على أمي، فنعى إليها أبي، ونظرت إليه وهو يمسح على رأسي ورأس أخي، وعيناه تهراقان (3) الدموع حتى تقطر لحيته، ثم قال: (اللهم إن جعفرا قد قدم إلى أحسن الثواب، فأخلفه في ذريته بأحسن ما خلفت أحدا من عبادك في ذريته) ثم إنه عليه السلام قال: (يا أسماء، ألا أبشرك؟) قالت: بلى بأبي أنت وأمي، فقال: (إن الله عز وجل جعل لجعفر جناحين، يطير بهما في الجنة).
وعن أبي عبد الله عليه السلام، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وآله، أنه لما جاءته وفاة جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه وزيد بن حارثة كان إذا دخل بيته بكى عليهما جدا، وقال: (كانا يحدثاني ويؤنساني، فجاء الموت فذهب بهما) (4).
وعن خالد بن سلمة قال: لما جاء نعي زيد بن حارثة إلى النبي صلى الله عليه وآله أتى النبي صلى الله عليه وآله منزل زيد، فخرجت إليه بنية لزيد، فلما رأت رسول الله صلى الله عليه وآله خمشت في وجهها، فبكى رسول الله صلى الله عليه وآله وقال (5): هاه هاه (6)، فقيل: يا رسول الله، ما هذا؟ قال: (شوق الحبيب إلى حبيبه) (7).
ولما مات سعد بن معاذ رضي الله عنه بكى عليه رسول الله صلى الله عليه وآله