مسكن الفؤاد - الشهيد الثاني - الصفحة ٩٥
وعن السائب بن يزيد، أن النبي صلى الله عليه وآله لما مات ابنه الطاهر ذرفت عيناه، فقيل: يا رسول الله، بكيت؟ فقال صلى الله عليه وآله: (إن العين تذرف وإن الدمع يغلب، وإن القلب يحزن ولا نعصي الله عز وجل) (1).
وروى مسلم في صحيحه: أن النبي صلى الله عليه وآله زار قبر أمه، فبكى وأبكى من حوله (2).
وروي: أن النبي صلى الله عليه وآله لما مات عثمان بن مظعون كشف الثوب عن وجهه، ثم قبل ما بين عينيه، ثم بكى طويلا فلما رفع السرير قال:
(طوباك - يا عثمان - لم تلبسك الدنيا، ولم تلبسها) (3).
واشتكى سعد بن عبادة شكوى، فأتاه رسول الله صلى الله عليه وآله يعوده، فلما دخل عليه وجده في غشيته، فقال: (أو قد مات؟) فقالوا: لا يا رسول الله، فبكى رسول الله صلى الله عليه وآله، فلما رأى القوم بكاءه بكوا، فقال: (ألا تسمعون؟ إن الله لا يعذب بدمع العين، ولا بحزن القلب، ولكن يعذب بها - وأشار إلى لسانه - أو يرحم) (4) وروي: أن ابنة لرسول الله صلى الله عليه وآله بعثت إليه: إن ابنتي مغلوبة، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: (إن لله ما أخذ، ولله ما أعطى) وجاءها في ناس من أصحابه، فأخرجت إليه الصبية، ونفسها يتقعقع (5) في صدرها، فرق عليها، وذرفت عيناه، فنظر إليه أصحابه، فقال: (ما لكم تنظرون إلي؟ رحمة يضعها الله حيث يشاء، إنما يرحم الله من عباده الرحماء) (6).
وعن أسامة بن زيد قال: أتي النبي صلى الله عليه وآله بامامة بنت زينب، ونفسها يتقعقع في صدرها، فقال يا رسول الله صلى الله عليه وآله: (لله ما أخذ، ولله ما أعطى، وكل إلى أجل مسمى) وبكى، فقال له سعد بن عبادة: تبكي، وقد نهيت عن

(١) ورد الحديث في الجامع الكبير ١: ٢٠٧.
(٢) صحيح مسلم ٢: ٦٧١، سنن النسائي ٤: ٩٠، سنن أبي داود ٣: ٢١٨ / ٣٢٣٤.
(٣) ورد الحديث في الجامع الكبير ١: ٥٦٨.
(٤) صحيح البخاري ٢: ١٠٦، صحيح مسلم ٢: ٦٣٦ / ٩٢٤ باختلاف يسير.
(٥) تقعقع: اضطرب وتحرك. (القاموس المحيط - قعقع - ٣: ٧٢).
(٦) صحيح البخاري ٢: ١٠٠ و ٧: ١٥١ و ٨: ١٦٦ و ٩: ١٤١ و ١٦٤، صحيح مسلم ٢: ٦٣٥ / ٩٢٣، التعازي: ١٠، سنن ابن ماجة ١: ٥٠٦ / ١٥٨٨، سنن أبي داود ٣: ١٩٣ / ٣١٢٥، سنن النسائي ٤: ٢٢ باختلاف في ألفاظه.
(٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 العقل والعدل الإلهي 18
2 أفعاله تعالى غاية مصلحة العبد 19
3 مثال واقعي في دفع المكروهات 20
4 منفعة الولد الدنيوية لأبيه مظنونة 21
5 لا نسبة بين آلام الدنيا وآلام الآخرة 22
6 في الجزع فوات مرتبة الرضا 23
7 الدنيا دار كدر وعناء 24
8 الدنيا قنطرة الآخرة 25
9 الدنيا دار الفناء 26
10 حب الله يقتضي الرضا بأفعاله 27
11 من صفات المحبين لله تعالى 28
12 الباب الأول: في بيان الأعواض الحاصلة عن موت الأولاد وما يقرب من هذا المراد الأعواض عن موت الأولاد 30
13 حكايات ومنامات عن ثواب موت الأولاد 42
14 الباب الثاني: في الصبر وما يلحق به 45
15 الصوم نصف الصبر 46
16 أحاديث شريفة في الصبر 47
17 ثواب الصبر 51
18 ما يثبت الأجر على المصيبة وما يحبطه 53
19 أثر الصلاة في تهوين المصائب 56
20 الجزع محبط للأجر 57
21 محاسن البلاء 58
22 الصبر والجزع كاشفان عن بواطن الناس 59
23 فصل: في نبذ من أحوال السلف عند موت أبنائهم وأحبائهم 60
24 فصل في ذكر جماعة من النساء نقل العلماء صبرهن 68
25 الباب الثالث: في الرضا 79
26 ثواب الراضين بقسمة الله 80
27 الرضا من المقامات العالية 81
28 من معاني الرضا 82
29 من علامات الرضا 83
30 مرتبة الرضا أعلى من مرتبة الصبر 84
31 درجات الرضا 85
32 وقائع ماضية عن الرضا بالقضاء 87
33 الدعاء يدفع البلاء، وسبب تأخير الإجابة 90
34 من أسباب تأخير الإجابة 91
35 الباب الرابع: في البكاء 92
36 البكاء لا ينافي الصبر ولا الرضا بالقضاء 93
37 من الأعمال المنافية للصبر والمحبطة للأجر 99
38 ثواب الاسترجاع عند المصيبة 101
39 النواح الجائز 103
40 استحباب تعزية أهل الميت 105
41 كيفية التعزية 108
42 ذكر المصيبة بفقد الرسول من أعظم المعزيات 110
43 حكايات من لطائف التعازي 111
44 البلاء على قدر الإيمان 113
45 رسالة الإمام الصادق عليه السلام يعزي بني عمه 116