مسكن الفؤاد - الشهيد الثاني - الصفحة ٩٤
ما يسخط الرب عز وجل) (1).
وعن أبي أمامة قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله حين توفي ابنه وعيناه تدمعان، فقال: يا نبي الله، تبكي على هذا السخل؟ والذي بعثك بالحق لقد دفنت اثني عشر ولدا في الجاهلية كلهم أشب منه أدسه في التراب، فقال النبي صلى الله عليه وآله: (فماذا، إن كانت الرحمة ذهبت منك، يحزن القلب وتدمع العين ولا نقول ما يسخط الرب وإنا على إبراهيم لمحزونون).
وعن محمود بن لبيد قال: انكسفت الشمس يوم مات إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال الناس: انكسفت الشمس لموت إبراهيم، فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله حين سمع ذلك فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال: (أما بعد - أيها الناس - إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله عز وجل، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى المساجد) ودمعت عيناه، فقالوا: يا رسول الله تبكي، وأنت رسول الله؟ فقال: (إنما أنا بشر، تدمع العين ويفجع القلب ولا نقول ما يسخط الرب، والله - يا إبراهيم - إنا بك لمحزونون) (2).
وعن خالد بن معدان، قال لما مات إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وآله بكى، فقيل: أتبكي يا رسول الله؟ فقال: (ريحانة وهبها الله لي، وكنت أشمها).
وقال صلى الله عليه وآله يوم مات إبراهيم: (ما كان من حزن في القلب أو في العين فإنما هو رحمة، وما كان من حزن باللسان وباليد فهو من الشيطان) (3).
وروى الزبير بن بكار: أن النبي صلى الله عليه وآله لما خرج بإبراهيم خرج يمشي، ثم جلس على قبره، ثم دلي، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وآله قد وضع في القبر دمعت عيناه، فلما رأى الصحابة ذلك بكوا حتى ارتفعت أصواتهم، فأقبل عليه أبو بكر فقال: يا رسول الله، تبكي وأنت تنهى عن البكاء؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله: (تدمع العين ويوجع القلب ولا نقول ما يسخط الرب عز وجل).

(١) التعازي: ٩ / ٨ باختلاف يسير، وروي باختلاف في ألفاظه في سنن الترمذي ٢: ٢٣٧ / ١٠١١، والجامع الكبير ١: ٢٩٠، وروي نحوه في منتخب كنز العمال ٦: ٢٦٥ عن عبد بن حميد.
(٢) روي نحوه الكليني في الكافي ٣: ٢٠٨ / 7 عن علي بن عبد الله عن أبي الحسن موسى عليه السلام، ورواه باختلاف في ألفاظه عن المغيرة بن شعبة البخاري في صحيحه 2: 42 و 48، ومسلم في صحيحه 2: 628 و 630.
(3) الجامع الكبير 1: 709 باختلاف يسير.
(٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 العقل والعدل الإلهي 18
2 أفعاله تعالى غاية مصلحة العبد 19
3 مثال واقعي في دفع المكروهات 20
4 منفعة الولد الدنيوية لأبيه مظنونة 21
5 لا نسبة بين آلام الدنيا وآلام الآخرة 22
6 في الجزع فوات مرتبة الرضا 23
7 الدنيا دار كدر وعناء 24
8 الدنيا قنطرة الآخرة 25
9 الدنيا دار الفناء 26
10 حب الله يقتضي الرضا بأفعاله 27
11 من صفات المحبين لله تعالى 28
12 الباب الأول: في بيان الأعواض الحاصلة عن موت الأولاد وما يقرب من هذا المراد الأعواض عن موت الأولاد 30
13 حكايات ومنامات عن ثواب موت الأولاد 42
14 الباب الثاني: في الصبر وما يلحق به 45
15 الصوم نصف الصبر 46
16 أحاديث شريفة في الصبر 47
17 ثواب الصبر 51
18 ما يثبت الأجر على المصيبة وما يحبطه 53
19 أثر الصلاة في تهوين المصائب 56
20 الجزع محبط للأجر 57
21 محاسن البلاء 58
22 الصبر والجزع كاشفان عن بواطن الناس 59
23 فصل: في نبذ من أحوال السلف عند موت أبنائهم وأحبائهم 60
24 فصل في ذكر جماعة من النساء نقل العلماء صبرهن 68
25 الباب الثالث: في الرضا 79
26 ثواب الراضين بقسمة الله 80
27 الرضا من المقامات العالية 81
28 من معاني الرضا 82
29 من علامات الرضا 83
30 مرتبة الرضا أعلى من مرتبة الصبر 84
31 درجات الرضا 85
32 وقائع ماضية عن الرضا بالقضاء 87
33 الدعاء يدفع البلاء، وسبب تأخير الإجابة 90
34 من أسباب تأخير الإجابة 91
35 الباب الرابع: في البكاء 92
36 البكاء لا ينافي الصبر ولا الرضا بالقضاء 93
37 من الأعمال المنافية للصبر والمحبطة للأجر 99
38 ثواب الاسترجاع عند المصيبة 101
39 النواح الجائز 103
40 استحباب تعزية أهل الميت 105
41 كيفية التعزية 108
42 ذكر المصيبة بفقد الرسول من أعظم المعزيات 110
43 حكايات من لطائف التعازي 111
44 البلاء على قدر الإيمان 113
45 رسالة الإمام الصادق عليه السلام يعزي بني عمه 116