ما يسخط الرب عز وجل) (1).
وعن أبي أمامة قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله حين توفي ابنه وعيناه تدمعان، فقال: يا نبي الله، تبكي على هذا السخل؟ والذي بعثك بالحق لقد دفنت اثني عشر ولدا في الجاهلية كلهم أشب منه أدسه في التراب، فقال النبي صلى الله عليه وآله: (فماذا، إن كانت الرحمة ذهبت منك، يحزن القلب وتدمع العين ولا نقول ما يسخط الرب وإنا على إبراهيم لمحزونون).
وعن محمود بن لبيد قال: انكسفت الشمس يوم مات إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال الناس: انكسفت الشمس لموت إبراهيم، فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله حين سمع ذلك فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال: (أما بعد - أيها الناس - إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله عز وجل، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى المساجد) ودمعت عيناه، فقالوا: يا رسول الله تبكي، وأنت رسول الله؟ فقال: (إنما أنا بشر، تدمع العين ويفجع القلب ولا نقول ما يسخط الرب، والله - يا إبراهيم - إنا بك لمحزونون) (2).
وعن خالد بن معدان، قال لما مات إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وآله بكى، فقيل: أتبكي يا رسول الله؟ فقال: (ريحانة وهبها الله لي، وكنت أشمها).
وقال صلى الله عليه وآله يوم مات إبراهيم: (ما كان من حزن في القلب أو في العين فإنما هو رحمة، وما كان من حزن باللسان وباليد فهو من الشيطان) (3).
وروى الزبير بن بكار: أن النبي صلى الله عليه وآله لما خرج بإبراهيم خرج يمشي، ثم جلس على قبره، ثم دلي، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وآله قد وضع في القبر دمعت عيناه، فلما رأى الصحابة ذلك بكوا حتى ارتفعت أصواتهم، فأقبل عليه أبو بكر فقال: يا رسول الله، تبكي وأنت تنهى عن البكاء؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله: (تدمع العين ويوجع القلب ولا نقول ما يسخط الرب عز وجل).