كما أكد أهل البيت (عليهم السلام) أن حبهم وحب عدوهم لا يمكن أن يجتمع في قلب أبدا.
قال أمير المؤمنين (عليه السلام): لا يجتمع حبنا وحب عدونا في جوف إنسان إن الله - عز وجل - يقول: (ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه). (1) وفي تفسير الإمام: يعني قلبا يحب محمد وآله ويعظمهم وقلبا يعظم به غيرهم كتعظيمهم أو قلبا يحب به أعداءهم، بل من أحب أعداءهم فهو يبغضهم ولا يحبهم، ومن سوى بهم مواليهم فهو يبغضهم ولا يحبهم (2)...
وقد أخذ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) البيعة يوم الغدير وغيره من الأيام على البراءة كما أخذها على الولاية وفي دعائه يومذاك دلالة واضحة على هذا الأمر «اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله وأدر الحق معه حيثما دار...» فليس ثمة حق يتبع من وراء أمير المؤمنين (عليه السلام)...
* * * بل يلاحظ أن الأدب الرباني يقدم البراءة دائما على الولاية فلابد من نفي الأغيار.. كما نصنع كل يوم في أول الأذان وفي آخره «أشهد أن لا إله إلا الله».. «لا إله إلا الله».. ونقرأ في آية الكرسي (.. فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله..).. وفي سورة الزمر: (والذين إجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها وأنابوا إلى الله..).
فلابد من تطهير القلب أولا من الأغيار ومن جنود الشيطان وإلا فلا يمكن لجنود الرحمن أن تعمره لأن الإناء النجس لا يطهر ما دامت عين النجاسة باقية فيه حتى لو صببت فيه بحار الدنيا، ولابد من فرز الأوراق وتمييز السبل ليتضح الصراط المستقيم عن السبل المتفرقة في متاهات الضلالة..
* * * ولو أننا تابعنا مسيرة الإنسان منذ إنطلاقتها نرى أنه كان يسير في الخطين أما الضلال وأما الهدى، حتى قامت راية الحق بقيام النبي الخاتم، فرأى رؤوس الضلالة