أن صمودهم أمام هذه الراية سيأتي عليهم ويجتث جذورهم حيث كمل الدين وتمت النعمة ولم تبق ثغرة يمكن أن يتسلل منها الشياطين ويئس الكفار بعد أن نصب الله أمير المؤمنين (عليه السلام) وباءت كل محاولات إغتيال النبي والقضاء على رسالته وقرآنه الخالد، فاجتمعت كلمة الكفر على أن يتوغلوا بين صفوف المؤمنين ويؤسسوا خطا ثالثا لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، فخلطوا الأوراق وأخذوا ضغثا من هنا وضغثا من هناك، وجمعوا - بزعمهم - بين عبادة الله وعبادة إبليس في دين واحد، ولا يزالون...
وهكذا هم اليوم تماما كما هم بالأمس.. ولربما قام من هذا الجانب من ينادي بذلك وقام من يسانده من ذاك الجانب، وزعموا أن التنازل عن شيء من عقائدنا والتنازل عن شيء من عقائدهم قد يؤدي إلى رفع الوحشة من خلال إيجاد القاسم المشترك في العقيدة والموقف، ونسوا أنهم يؤسسون بذلك طائفة جديدة يرفضها الملتزمون من الطرفين.
ولربما تمسك البعض بمواقف أهل البيت (عليهم السلام) - ولا نشك في أن مواقفهم حق - وزعموا أن كل ما روي مما يسمونه بالمغالاة في مصنفات كلا الفريقين إنما هو موضوع لا يمت إلى الدين يصلة!!
ولا أدري ماذا يجاب كل هذا الكم الهائل من الروايات والأحاديث التي تجاوزت حد التواتر المعنوي - على أقل التقادير - في بيان البراءة واللعن على أعداء الله وأعداء رسوله وأهل بيته (عليهم السلام).
فيما نرى أن ثمة فرق كبير وواضح جدا في مواقف أهل البيت (عليهم السلام) بين مواقفهم العقائدية ومواقفهم العملية.. فإن الإمام (عليه السلام) حينما يكون في مقام بيان العقيدة الحقة وتحديد الموقف العقيدي من الآخرين ينطق بالشقشقية وزيارة الجامعة الكبيرة وزيارة عاشوراء.. وهذا هو واقع العقيدة الشيعية.. وهذه هي هوية التشيع...
وحينما يكون في مقام بيان الموقف العملي فهو يداري عقول الناس ونفوسهم ويحتاط للمجتمع الإسلامي من كيد المنافقين والكفار والمشركين، فيجلس في داره ساكتا عن حقه خمسة وعشرين سنة.