رمضان، فلما كان في آخر ليلة منه أمر مناديه أن ينادي بالناس في الخروج إلى البقيع لصلاة العيد، فغدوت من منزلي أريد إلى سيدي علي بن الحسين عليهما السلام غلسا (1).
فما مررت بسكة من سكك المدينة الا رأيت (2) أهلها خارجين إلى البقيع، فيقولون:
إلى أين تريد يا جابر؟ فأقول: إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله، حتى أتيت المسجد، فدخلته، فما وجدت فيه الا سيدي علي بن الحسين عليهما السلام قائم يصلي صلاة الفجر وحده، فوقفت وصليت بصلاته، فلما ان فرغ من صلاته سجد سجدة الشكر.
ثم إنه جلس يدعو وجعلت أؤمن على دعائه، فما أتي آخر دعائه حتى بزغت (3) الشمس، فوثب قائما على قدميه تجاه القبلة وتجاه قبر رسول الله صلى الله عليه وآله.
ثم إنه رفع يديه حتى صارتا بإزاء وجهه وقال:
إلهي وسيدي أنت فطرتني وابتدأت خلقي، لا لحاجة منك إلي بل تفضلا منك علي، وقدرت لي أجلا ورزقا لا أتعداهما، ولا ينقصني أحد منهما (4) شيئا، وكنفتني منك بأنواع النعم والكفاية طفلا وناشئا، من غير عمل عملته، فعلمته مني فجازيتني عليه، بل كان ذلك منك تطولا علي وامتنانا.
فلما بلغت بي أجل الكتاب (5) من علمك بي ووفقتني لمعرفة وحدانيتك والاقرار بربوبيتك، فوحدتك مخلصا لم أدع لك شريكا في ملكك، ولا معينا على قدرتك، ولم أنسب إليك صاحبة ولا ولدا.
فلما بلغت بي تناهي الرحمة منك علي، مننت بمن هديتني به من الضلالة، واستنقذتني به من الهلكة، واستخلصتني به من الحيرة، وفككتني به من الجهالة، وهو حبيبك ونبيك محمد صلى الله عليه وآله، أزلف (6)