ووجدت تصنيفا للشيخ محمد بن علي الكراجكي يقتضي انه قد كان في أول امره قائلا بقول جعفر بن قولويه في العمل على أن شهر الصيام لا يزال ثلاثين على التمام، ثم رأيت له مصنفا آخر سماه الكافي في الاستدلال، قد نقض فيه على من قال بأنه لا ينقص عن ثلاثين واعتذر عما كان يذهب إليه، ويذهب إلى أنه يجوز أن يكون تسعا وعشرين.
ووجدت شيخنا المفيد قد رجع عن كتاب لمح البرهان، وذكر انه قد صنف كتابا سماه مصابيح النور، وانه قد ذهب إلى قول محمد بن أحمد بن داود في أن شهر رمضان له أسوة بالشهور في الزيادة والنقصان. (1) أقول: وهذا أمر يشهد به الوجدان والعيان، وعمل أكثر من سلف وعمل من أدركناه من الاخوان، وإنما أردنا لا يخلو كتابنا من الإشارة إلى قول بعض من ذهب إلى الاختلاف من أهل الفضل والورع والانصاف، وان الورع والدين حملهم على الرجوع إلى ما عادوا إليه، من أنه يجوز أن يكون ثلاثين وأن يكون تسعا وعشرين.
أقول: وإن كان الامر كما قاله العلماء المنجمون، من أن الهلال يتعذر معرفته على التحقيق، فربما قوى ذلك دعوى من يدعي ان شهر رمضان لا ينقص ابدا، ويقول إنه قد أهل قبل رؤية الناس له وان لم يروه.
أقول: ومما وقفت عليه من قول المنجمين في أن رؤية الهلال لا يضبط بالتحقيق ما ذكره محمد بن إسحاق المعروف بالنديم في كتاب الفهرست في الجزء الرابع عند ترجمة يعقوب بن إسحاق القندي، وقال في مدحه له: انه فاضل دهره وواحد عصره في معرفة العلوم القديمة بأسرها، ثم ذكر كتبه في فنون عظيمة من العلوم، وقال في كتبه النجوميات كتاب رسالته في أن رؤية الهلال لا تنضبط بالحقيقة وإنما القول فيها بالتقريب - هذا آخر لفظه.
أقول: (2) وقد روينا من كتاب من لا يحضره الفقيه لأبي جعفر محمد بن بابويه رضوان