ولان فيه ليلة القدر التي يكتب فيها مقدار الآجال واطلاق الآمال، وذلك منبه على أن شهر الصيام هو أول السنة، فكأنه فتح لعباده في أول دخولها أن يطلبوا أطول (1) آجالهم وبلوغ آمالهم، ليدركوا آخرها ويحمدوا مواردها ومصادرها.
وروى محمد بن يعقوب وابن بابويه في كتابيهما - واللفظ لابن يعقوب - عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ليلة القدر هي أول السنة وهي آخرها (2).
ولان الاخبار بان شهر رمضان أول السنة أبعد من التقية، وأقرب إلى أنه مراد العترة النبوية، وحسبك شاهدا وتنبيها وآكدا، ما تضمنته الأدعية المنقولة في أول شهر رمضان بأنه أول السنة على التعيين والبيان.
واعلم أن اختلاف أصحابنا في شهر رمضان، هل يمكن أن يكون تسعة وعشرين يوما على اليقين، أو انه ثلاثون لا ينقص أبد الآبدين، فإنهم كانوا قبل الآن مختلفين، واما الان فلم أجد ممن شاهدته أو سمعت به في زماننا، وان كنت ما رأيته انهم يذهبون إلى أن شهر رمضان لا يصح عليه النقصان، بل هو كسائر الشهور في سائر الأزمان.
ولكنني أذكر بعض ما عرفته مما كان جماعة من علماء أصحابنا معتقدين له وعاملين عليه، من أن شهر رمضان لا ينقص ابدا عن الثلاثين يوما.
فمن ذلك ما حكاه شيخنا المفيد محمد بن محمد بن النعمان في كتاب لمح البرهان، فقال عقيب الطعن على من ادعى وحدث هذا القول وقلة القائلين به ما هذا لفظه المفيد:
مما يدل على كذبه وعظم بهته أن فقهاء عصرنا هذا، وهو سنة ثلاث وستين وثلاثمأة، ورواته وفضلاؤه، وان كانوا أقل عددا منهم في كل عصر مجمعون عليه ويتدينون به ويفتون بصحته وداعون إلى صوابه، كسيدنا وشيخنا الشريف الزكي أبي محمد الحسيني أدام الله عزه، وشيخنا الثقة الفقيه أبي القاسم جعفر بن محمد بن قولويه