وليلة القدر في العشر الأواخر من شهر رمضان بلا خلاف، وهي ليلة الافراد بلا خلاف، وقال أصحابنا: هي إحدى الليلتين: اما ليلة إحدى وعشرين أو ثلاث عشرين، جوز قوم أن يكون سائر ليالي الافراد: إحدى وعشرين وثلاث وعشرين وخمس وعشرين وسبع وعشرين وتسع وعشرين (1).
قلت: وإذا كان الأمر كما ذكره انها في الأواخر وانها في المفردات منها، فقد صارت ليلة القدر في إحدى خمس ليال المذكورة، فماذا يمنع من الاهتمام بكل طريق مشكورة في تحصيل ليلة القدر بالله جل جلاله في هذه الخمس ليال مذكورة، وأي عذر في اهمال ذلك وهو من الضرورة.
أقول: ولولا اذن الله جل جلاله في التعريف بها والتعرض لها ما كانت الاخبار واردة بالتوصل في طلبها.
فمن ذلك ما رواه أبو جعفر بن بابويه في كتاب أماليه فقال ما هذا لفظه: قال رجل لأبي جعفر عليه السلام: يا بن رسول الله كيف اعرف ليلة القدر تكون في كل سنة؟
قال: إذا أتى شهر رمضان فاقرء سورة الدخان كل ليلة مأة مرة، فإذا أتت ليلة ثلاث وعشرين، فإنك ناظر إلى تصديق الذي سئلت عنه (2).
وقال: عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليه السلام أنه قال: إذا أتى شهر رمضان فاقرء كل ليلة (انا أنزلناه في ليلة القدر) الف مرة، فإذا أتت ليلة ثلاث وعشرين، فاشدد قلبك وافتح اذنيك لسماع العجائب ما ترى. (3) أقول: وقد كنت أجد الروايات متظاهرات بتعظيم هذه الثلاث ليال المفردات: ليلة تسع عشرة واحدى وعشرين وثلاث وعشرين، فربما اعتقدت ان تعظيمها لمجرد احتمال أن تكون واحدة منها ليلة القدر، ثم وجدت في الاخبار ان كل ليلة من هذه الثلاث ليال المذكورة فيها اسرار لله جل جلاله وفوائده لعباده مذخورة.