فإذا تأملت ذلك، وتدبرت مقاطعه ومفاتحه، وسهولة ألفاظه، واستجماع معانيه وأن كل لفظة منها لو غيرت لم يمكن أن يؤتى بدلها بلفظة هي أوفق (١) من تلك اللفظة وأدل على المعنى منها، وأجمع للفوائد والزوائد منها.
وإذا كان كذلك فعند تأمل جميع ذلك يتحقق ما فيه من النظم اللائق (٢) والمعاني الصحيحة التي لا يكاد يوجد مثلها على نظم تلك العبارة، وإن اجتهد البليغ والخطيب.
فصل في خواص (٣) نظم القرآن أولها: خروج نظمه عن صور جميع (٤) أسباب المنظومات، ولولا نزول القرآن لم يقع في خلد (٥) فصيح سواه (٦) ولذلك قال عتبة بن ربيعة لما اختاره (٧) [قريش للمصير إلى النبي صلى الله عليه وآله قرأ صلى الله عليه وآله عليه حم السجدة فلما انصرف قال:
سمعت أنواع كلام العرب، فما أشبهه شئ منها، إنه أورد علي ما أراعني! (٨) ونحوه ما حكى الله عن الجن ﴿إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد﴾ (9) من قل أوحي.
فلما عدم وجود شبه القرآن من أنواع المنظوم، انقطعت أطماعهم عن معارضته