فصل ان الفصاحة مع النظم معجز واعلم أن هؤلاء الذين قالوا: إن جهة إعجاز القرآن: الفصاحة المفرطة التي خرقت العادة، صاروا صنفين:
منهم من اقتصر على ذلك، ولم يعتبر النظم.
ومنهم من اعتبر الفصاحة والنظم والأسلوب (١) المخصوص.
وقال الفريقان: إذا ثبت أنه خارق للعادة بفصاحته، دل على نبوته، لأنه إن كان من فعل (٢) الله تعالى، فهو دال على نبوته ومعجز له.
وإن كان من فعل النبي صلى الله عليه وآله، فإنه لم يتمكن (٣) من ذلك مع خرقه العادة لفصاحته إلا لان الله تعالى خلق فيه علوما خرق بها العادة، فإذا علمنا بقوله: إن القرآن من فعل الله دون فعله، قطعنا على ذلك دون غيره. (٤) فصل في أن معناه أو لفظه هو المعجز وأما القول الثالث والرابع، فكلاهما مأخوذ من قول الله تعالى: ﴿ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا﴾ (5).
فحمل الأولون ذلك على المعنى، والآخرون على اللفظ، والآية الكريمة مشتملة عليهما، عامة فيهما.
ويجوز أن يكون كلا القولين معجزا على بعض الوجوه، لارتفاع التناقض منه، والاختلاف [فيه] على وجه مخالف للعادة. (6)