باب في مقالات المنكرين للنبوات أو الإمامة من قبل الله وجواباتها وابطالها إعلم أن المنكرين للنبوات فرقتان: ملحدة ودهرية، وموحدة البراهمة والفلاسفة عندنا من جملة الدهرية والملحدة أيضا، وقد اجتمعوا على إبطال النبوات وإنكار المعجزات، وإحالتها تصريحا وتلويحا، وزعمت أن تصحيح أمرها يؤدي إلى نقض وجوب الطبائع، وقد استقر أمرها على وجه لا يصح انتقاضها.
وكلهم يطعنون في معجزات الأنبياء وأوصيائهم، حتى قالوا في القرآن تناقض واختلاف، وأخبار زعموا: " وجدنا مخبراتها على خلافها ".
منها قوله: ﴿ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا﴾ (١).
ثم وجدناكم تقولون أن يحيى بن زكريا قتله ملك من الملوك، ونشر رأس والده زكريا بالمنشار، مع ما لا يحصى من الخلق من المؤمنين الذين قتلهم الكفار.
وفي القرآن أيضا: ﴿إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله﴾ (٢) وقد ينكح كثير فيبقى فقيرا أو يزداد فقره. وقد قال لنبيه: ﴿والله يعصمك من الناس﴾ (٣) ثم وجدناه كسرت رباعيته وشج رأسه.
وفيه أيضا: ﴿ادعوني أستجب لكم﴾ (٤) وإن الخلق يدعونه دائما فلا يجيبهم.
وفي القرآن: ﴿فسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون﴾ (5).
وهذا دليل على أن محمدا لم يكن واثقا بما عنده، لأنه ردهم إلى قوم شهد عليهم بكتمان الحق وقول الباطل، وهم عنده غير ثقات في الدعوى والخبر.