باب في أن اعجاز القرآن: المعاني التي اشتمل عليها من الفصاحة قالوا: لما وجدنا الكلام منظوما موزونا، ومنثورا [غير موزون] والمنظوم (1) هو الشعر، وأكثر الناس لا يقدرون عليه، فجعل الله تعالى معجز نبيه النمط الذي يقدر عليه كل أحد، ولا يتعذر نوعه على كلهم، وهو الذي ليس بموزون، فتلزم حجته للجميع.
والذي يجب أن يعلم في العلم باعجاز النظم، هو أن يعلم مباني (2) الكلام وأسباب الفصاحة في ألفاظها، وكيفية ترتيبها، وتباين ألفاظها، وكيفية الفرق بين الفصيح والأفصح، والبليغ والأبلغ، ويعلم (3) مقادير النظم والأوزان، وما به يتبين المنظوم من المنثور، وفواصل الكلام، ومقاطعه، ومباديه، وأنواع مؤلفه ومنظومه.
ثم ينظر فيما أتى به حتى يعلم أنه من أي نوع هو؟ وكيف فضل على ما فضل عليه من أنواع الكلام، حتى يعلم أنه نظم (4) مباين لسائر المنظوم، ونمط خارج عن جملة ما كانوا اعتادوه فيما بينهم من أنواع الخطب، والرسائل، والشعر والمنظوم، والمنثور (5) والرجز، والمخمس، والمزدوج، والعريض (6) والقصير.