فصل في وجه اعجاز القرآن إعلم أن المسلمين اتفقوا على ثبوت دلالة القرآن على النبوة. وصدق الدعوة واختلف المتكلمون في جهة إعجاز القرآن على سبعة أوجه، وقد ذهب قوم إلى أنه معجز من حيث كان قديما، أو لأنه حكاية للكلام القديم، وعبارة عنه.
فقولهم هذا أظهر فسادا من أن يخلط (1) بالمذاهب المذكورة في إعجاز القرآن.
فأول ما ذكر من [تلك] الوجوه: ما اختاره السيد المرتضى (رض) [وهو] أن وجه الاعجاز في القرآن (2) أن الله سبحانه صرف الخلق (3) عن معارضته، وسلبهم العلم بكيفية نظمه وفصاحته، وقد كانوا لولا هذا الصرف قادرين على معارضته ومتمكنين منها.
والثاني: ما ذهب إليه الشيخ المفيد (ره) أنهم (4) لم يعارضوا من حيث اختص برتبة في الفصاحة خارقة للعادة، لان مراتب (5) البلاغة (6) محصورة متناهية فيكون ما زاد على المعتاد، معجزا (7) وخارقا للعادة.
والثالث: ما قال قوم، وهو: أن إعجازه من حيث كانت معانيه صحيحة مستمرة على النظر، موافقة للعقل.