الباب الثامن عشر في أم المعجزات، وهو القرآن المجيد الحمد لله الذي جعل القرآن لنبينا صلى الله عليه وآله أم المعجزات ومعظمها، وصلى الله على خيرته من خلقه محمد وآله أشرف الصلوات وأعظمها.
وبعد:
فان كتاب الله المجيد ليس هو مصدقا لنبي الرحمة خاتم النبيين فقط، بل هو مصدق لسائر (١) الأنبياء والأوصياء قبله، وسائر الأوصياء بعده جملة وتفصيلا، وليست جملة الكتاب معجزة واحدة، بل هو معجزات لا تحصى، وفيه أعلام عدد الرمل والحصى، لان أقصر سورة [منه] إنما هي " الكوثر " وفيها الاعجاز من وجهين:
أحدهما: إنه قد تضمن خبرا عن الغيب قطعا قبل وقوعه، فوقع كما أخبر عنه من غير خلف فيه، وهو قوله تعالى: ﴿إن شانئك هو الأبتر﴾ (2) لما قال قائلهم: إن محمدا رجل صنبور (3) وإذا مات انقطع ذكره، ولا خلف له يبقى به ذكره.