فعكس ذلك على قائله، وكان كذلك.
والثاني: من طريق نظمه، لأنه على قلة عدد حروفه، وقصر آية، يجمع نظما بديعا، وأمرا عجيبا، وبشارة للرسول، وتعبدا للعبادات (1) بأقرب لفظ، وأوجز (2) بيان، وقد نبهنا على ذلك في كتاب مفرد لذلك.
ثم إن السور الطوال متضمنة للاعجاز من وجوه كثيرة، نظما وجزالة وخبرا عن الغيوب، فلذلك لا [يجوز أن] يقال: إن القرآن معجز واحد، ولا ألف معجز ولا أضعافه.
فلذلك خطأنا قول من قال: إن للمصطفى صلى الله عليه وآله ألف معجزة، أو ألفي معجزة.
بل يزيد ذلك عند الاحصاء على الألوف. (3) فصل في أن القرآن المجيد معجز إعلم أن الكلام في كيفية الاستدلال بالقرآن فرع على الكلام في الاستدلال بالقرآن، والاستدلال به لا يتم إلا بعد بيان خمسة أشياء:
أحدها: ظهور محمد صلى الله عليه وآله بمكة، وادعاؤه أنه مبعوث إلى الخلق ورسول إليهم.
وثانيها: تحديه العرب بهذا القرآن الذي ظهر على يده، وادعاؤه أن الله سبحانه أنزله عليه وخصه به.
وثالثها: إن العرب مع طول المدة لم يعارضوه.
ورابعها: إنهم لم يعارضوه للتعذر والعجز.
وخامسها: إن هذا التعذر خارق للعادة.