منعناه بالقرآن من حيث أطلق التحدي به (1)، وعري عما (2) يخصه بوجه دون وجه فحملناه على ما عهده الفوم، وألفوه في التحدي.
ولو كان صلى الله عليه وآله أفهمهم تخصيص التحدي بقول مسموع، لوجب أن ينقل إلينا لفظه، ولا نجد له نقلا، ولو كان أخطرهم (3) إلى قصده (4) بمخارج الكلام، أو بإشارة وغيرها لوجب اتصاله بنا أيضا، لان ما يدعو إلى النقل للألفاظ، يدعو إلى نقل ما يتصل بها من مقاصد ومخارج، سيما فيما تمس الحاجة إليه.
ألا ترى أنه لما نفى النبوة بعد نبوته بقوله صلى الله عليه وآله: " لا نبي بعدي " (5) أفهم مراده السامعين من هذا القول أنه عنى به لا نبي من بعدي، لا نبي من البشر كلهم، وأراد صلى الله عليه وسلم بالبعد عموم سائر الأوقات، اتصل ذلك بها على حد اتصال اللفظ حتى شركنا سامعيه في معرفة الغرض، وكنا في العلم به كأحدهم، وفي ارتفاع كل ذلك من النقل دليل على صحة قولنا.
فصل على أن التحدي لو كان مقصورا على الفصاحة دون النظم، لوقعت المعارضة من القوم ببعض فصيح شعرهم، أو بليغ كلامهم، لأنا نعلم حقا الفرق بين فصار السور، وفصيح كلام العرب.
وهذا يدل على التقارب (6) المزيل للاعجاز، والعرب بهذا أعلم، فكان يجب