لهم [ذلك] (١) مع فرط الذكاء وجودة الذهن؟
وهذا من قبيح الغفلة التي ينزه القوم عنها، ووصفهم الله بخلافها.
وليس يورد مثل هذا الاعتراض من موافق في إعجاز القرآن، وإنما يصير إليه من خالفنا في الملة، أو أبهرته (٢) الحجة، فيرمي العرب بالبله والغفلة، فيقول: لعلهم لم يعلموا أن المعارضة أنجع (٣) وأنفع، وطريق الحجة أصوب وأقرب، لأنهم لم يكونوا أصحاب نظر وفكر، وإنما كانت الفصاحة صنعتهم، فعدلوا إلى الحرب.
وهذا الاعتراض إذا ورد علينا كانت كلمة جماعتنا واحدة في رده، وقلنا في جوابه:
إن العرب إن لم يكونوا نظارين، فلم يكونوا غفلة مجانين، وته العقول (٤) أن مساواة (٥) التحدي في فعله ومعارضته بمثله، أبلغ في الاحتجاج عليه من كل فعل، ولا يجوز أن يذهب العرب الألباء عما لا يذهب عنه العامة والأغبياء.
والحرب غير مانعة عن المعارضة، وقد كانوا يستعملون في حروبهم من الارتجاز ما لو جعلوا مكانه معارضة القرآن كان أنفع لهم. وهذا كان في جواب من جعل ذلك كفهم عن المعارضة.
باب في مطاعن المخالفين في القرآن قالوا: إن في القرآن تفاوتا كقوله: ﴿لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن﴾ (6) ففي هذا تكرير بغير فائدة فيه لان قوله " قوم من قوم " يغني عن قوله " نساء من نساء " فالنساء يدخلن في قوم، يقال: " هؤلاء قوم فلان " للرجال وللنساء من عشيرته؟
الجواب: إن " قوم " لا يقع في حقيقة اللغة إلا على الرجال، ولا يقال