ثم قال بحيرى: يا بني الله (1) ما أطيبك وأطيب ريحك؟ يا أكثر النبيين أتباعا، يا من بهاء نور الدنيا من نوره، يا من بذكره (2) تعمر المساجد، كأني بك قد قدت (3) الاجناب (4) والخيل، وقد تبعك العرب والعجم طوعا وكرها.
كأني باللات والعزى قد كسرتهما، وقد صار (5) البيت العتيق تضع مفاتيحه حيث تريد، كم من بطل من قريش والعرب تصرعه، معك مفاتيح الجنان والنيران، معك الذبح (6) الأكبر، وهلاك الأصنام.
أنت الذي لا تقوم الساعة حتى تدخل المملوك كلها في دينك صاغرة قمئة (7).
فلم يزل يقبل وجهه (8) مرة ويديه مرة، ويقول لئن أدركت زمانك لأضربن بين يديك، أنت - والله - سيد المرسلين، وخاتم النبيين.
والله، لقد ضحكت الأرض يوم ولدت، فهي ضاحكة إلى يوم القيامة فرحا بك.
والله، لقد بكت البيع (9) والأصنام والشياطين فهي باكية إلى يوم القيامة.
أنت دعوة إبراهيم، وبشرى عيسى، أنت المقدس المطهر من أنجاس الجاهلية.
ثم التفت إلي وقال: وإني أرى أن ترده إلى بلده، فإنه ما بقي يهودي، ولا نصراني، وصاحب كتاب إلا وقد علم بمولد هذا الغلام، ولو رأوه (10) لابتغوه بشر (11)