وأكثر أعدائه هؤلاء اليهود.
قلت: ولم؟ قال: لأنه كائن (1) لابن أخيك هذه النبوة والرسالة، ويأتيه الناموس الأكبر (2) الذي كان يأتي موسى وعيسى عليهما السلام.
قال أبو طالب: فخرجنا إلى الشام، فلما قربنا منها [رأيت] والله قصور الشامات (3) كلها قد اهتزت وعلا منها (4) نور أعظم من نور الشمس، وذهب الخبر في جميع الشامات، حتى ما بقي فيها حبر ولا راهب إلا اجتمع عليه.
فجاء حبر عظيم كان اسمه " نسطورا " فجلس بحذائه ينظر إليه لا يكلمه بشئ حتى فعل ذلك ثلاثة أيام متوالية.
فلما كانت الليلة الثالثة، لم يصبر حتى قام إليه، فدار خلفه [كأنه] يلتمس منه شيئا، فقال لي: ما اسمه؟ فقلت: " محمد بن عبد الله ". فتغير - والله - لونه (5) ثم قال: فترى أن تأمره أن يكشف لي عن ظهره لأنظر إليه؟ فكشف عن ظهره (6).
فلما رأى الخاتم انكب عليه يقبله ويبكي، ثم قال: يا هذا أسرع من رد هذا الغلام إلى موضعه الذي ولد فيه، فإنك لو تدري كم عدو له في أرضنا، لم تكن بالذي تقدمه معك، فلم يزل يتعاهده في كل يوم، ويحمل إليه الطعام.
فلما خرجنا منها، أتاه بقميص من عنده، فقال: ترى أن يلبس هذا القميص ويذكرني به؟ فلم يقبله، ورأيته كارها لذلك، فأخذت أنا القميص مخافة أن يغتم