الخرائج والجرائح - قطب الدين الراوندي - ج ٣ - الصفحة ١٠٨٥
حر مثل هذا؟ [فقلت: يكون معي أروح لخاطري] فحشوت له حشية (1).
[واستأجرت له ناقة، وأركبته].
وكنا ركبانا كثيرا، فكان البعير الذي عليه محمد صلى الله عليه وآله أمامي لا يفارقني، وكان يسبق الركب كلهم، وكان إذا اشتد الحر أتته سحابة (2) بيضاء مثل قطعة ثلج فتسلم عليه، وتقف على رأسه لا تفارقه.
وكانت ربما أمطرت علينا السحابة أنواع الفواكه، وهي تسير معنا.
وقد ضاق الماء أبدا في طريقنا من قبل حتى كنا لا نجد قربة إلا بدينارين فحيثما نزلنا في هذا السفر تمتلئ الحياض، ويكثر الماء، وتخضر الأرض، فكنا في تلك السنة في خصب وطيب من الخير.
وكان معنا قوم قد وقفت جمالهم، فمشى إليها محمد صلى الله عليه وآله ومسح عليها فسارت فلما قربنا من بصرى (3) إذا نحن بصومعة قد أقبلت تمشي كما تمشي الدابة السريعة (4) حتى إذا قربت منا، وقفت فإذا فيها راهب (5). وكانت السحابة لا تفارق محمدا صلى الله عليه وآله ساعة واحدة.
وكان الراهب لا يكلم الناس، ولا يدري ما الركب، فلما نظر إلى محمد صلى الله عليه وآله

1) " فحشوت له حنقة " م. " فحشيت له حشية " خ ل.
والحشية - بتشديد الياء -: الفراش المحشو.
2) " أتاه بسحابة " ط.
3) بصرى - بالضم والقصر -: إحداهما بالشام، وهي التي وصل إليها النبي صلى الله عليه وآله للتجارة، وهي المشهورة عند العرب، قال: هي قصبة كورة حوران، والأخرى..
(مراصد الاطلاع: 1 / 201).
4) " المسرعة " ط.
5) هو بحيرى - وقيل بالمد - الراهب الذي عرف النبي صلى الله عليه وآله بصفته ونعته ونسبه واسمه قبل ظهوره بالنبوة، وكان منتظرا لخروجه كما ذكر الصدوق. واسمه في النصارى: سرجس، وقيل: جرجس أو جرجيس، وكان من عبد القيس.
(١٠٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1080 1081 1082 1083 1084 1085 1086 1087 1088 1089 1090 ... » »»
الفهرست