والله ما عبد أبي، ولا جدي عبد المطلب، ولا هاشم، ولا عبد مناف صنما قط.
قيل: وما كانوا يعبدون؟
قال: كانوا يصلون إلى البيت، على دين إبراهيم، متمسكين به. (1) 11 - وقال ابن بابويه: ثنا أبو الفرج محمد بن المظفر (2) بن نفيس المصري الفقيه:
ثنا أبو الحسن محمد بن أحمد الداودي، عن أبيه قال:
كنت عند أبي القاسم بن روح، فسأله رجل ما معنى قول العباس للنبي صلى الله عليه وآله:
" إن عمك أبا طالب قد أسلم بحساب الجمل - وعقد بيده ثلاثا وستين - ". (3) وهذه تسع صور جمعتها ثلاث أصابع: الخنصر والبنصر والوسطى، هذه بالنسبة إلى الآحاد وأما الأعشار: فالمسبحة والابهام فالعشرة ان يجعل ظفر المسبحة في مفصل الابهام من جنبها والعشرون: وضع رأس الابهام بين المسبحة والوسطى، والثلاثون: ضم رأس المسبحة مع رأس الابهام، والأربعون: أن تضع الابهام معكوفة الرأس إلى ظاهر الكف، والخمسون: أن تضع الابهام على باطن الكف معكوفة الأنملة ملصقة بالكف، والستون: أن تنشر الابهام، وتضم إلى جانب الكف أصل المسبحة، والسبعون: عكف باطن المسبحة على باطن رأس الابهام، والثمانون: ضم الابهام وعكف باطن المسبحة على ظاهر أنملة الابهام المضمومة.
والتسعون: ضم المسبحة إلى أصل الابهام ووضع الابهام عليها.
وإذا أردت آحادا وأعشارا عقدت من الآحاد ما شئت مع ما شئت من الأعشار المذكورة.
وإذا أردت آحادا بغير أعشار عقدت في أصابع الآحاد من يد اليسرى مع نشر أصابع الأعشار.
وأما المئات: فهي عقد أصابع الآحاد من يد اليسرى فالمائة كالواحد، والمائتان كالاثنين وهكذا إلى التسعمائة.
واما الألوف: وهي عقد أصابع عشرات منها، فالألف كالعشرة، والألفان كالعشرين إلى التسعة آلاف.
هذا خلاصة القاعدة المذكورة فتدبر في هذه القاعدة فان لها نفعا عظيما والحمد لله رب العالمين.
قال المجلسي (ره): لعل المعنى أن أبا طالب أظهر اسلامه للنبي صلى الله عليه وآله أو لغيره بحساب العقود بأن أظهر الألف أولا بما يدل على الواحد ثم اللام بما يدل على الثلاثين وهكذا. وذلك لأنه كان يتقى من قريش كما عرفت.
وقيل: يحتمل أن يكون العاقد هو العباس حين أخبر النبي صلى الله عليه وآله بذلك.
فظهر على التقديرين أن اظهار اسلامه كان بحساب الجمل، إذ بيان ذلك بالعقود لا يتم الا بكون كل عدد مما يدل عليه العقود دالا على حرف من الحروف بذلك الحساب.
وقد قيل في حل أصل الخبر وجوه أخر:
منها أنه أشار بإصبعه المسبحة: " لا إله إلا الله، محمد رسول الله " فان عقد الخنصر والبنصر وعقد الابهام على الوسطى يدل على الثلاث والستين على اصطلاح أهل العقود، وكأن المراد بحساب الجمل هذا.
والدليل على ما ذكرته ما ورد في رواية شعبة، عن قتادة، عن الحسن - في خبر طويل ننقل منه موضع الحاجة، وهو - أنه لما حضرت أبا طالب الوفاة دعا رسول الله صلى الله عليه وآله وبكى وقال: يا محمد انى أخرج من الدنيا ومالي غم الا غمك - إلى أن قال صلى الله عليه وآله وسلم -: يا عم انك تخاف على أذى أعادي ولا تخاف على نفسك عذاب ربى؟
فضحك أبو طالب وقال: يا محمد دعوتني وكنت قدما أمينا، وعقد بيده على ثلاث وستين:
عقد الخنصر والبنصر وعقد الابهام على إصبعه الوسطى، وأشار بإصبعه المسبحة، يقول:
" لا إله إلا الله محمد رسول الله ".
فقام علي عليه السلام وقال: الله أكبر والذي بعثك بالحق نبيا لقد شفعك في عمك وهداه بك فقام جعفر وقال: لقد سدتنا في الجنة يا شيخي كما سدتنا في الدنيا.
فلما مات أبو طالب أنزل الله تعالى: " يا عبادي الذين آمنوا ان ارضى واسعة فإياي فاعبدون " سورة العنكبوت: 56 رواه ابن شهرآشوب في المناقب.
وهذا حبل متين لكنه لم يعهد اطلاق الجمل على حساب العقود.
ومنها: أنه أشار إلى كلمتي " لا " و " الا " والمراد كلمة التوحيد، فان العمدة فيها والأصل النفي والاثبات.
ومنها: أن أبا طالب وأبا عبد الله عليه السلام امرا بالاخفاء اتقاءا، فأشار بحساب العقود إلى كلمة سبح من التسبيحة، وهي التغطية أي غط واستر فإنه من الاسرار.
وهذا هو المروى عن شيخنا البهائي طاب رمسه.
ومنها: أنه إشارة إلى أنه أسلم بثلاث وستين لغة، وعلى هذا كان الظرف في مرفوعة محمد بن عبد الله متعلقا بالقول.
ومنها: أن المراد أن أبا طالب علم نبوة نبينا صلى الله عليه وآله قبل بعثته بالجفر، والمراد بسبب حساب مفردات الحروف بحساب الجمل.
ومنها: أنه إشارة إلى سن أبى طالب حين أظهر الاسلام.
ولا يخفى ما في تلك الوجوه من التعسف والتكلف سوى الوجهين الأولين المؤيدين بالخبرين، والأول منهما أوثق وأظهر لان المظنون أن الحسين بن روح لم يقل ذلك الا بعد سماعه من الإمام عليه السلام. انتهى.
وراجع كتاب ايمان أبي طالب لفخار بن معد: 107.