دعوا ابني؟! فوالله إن له لشأنا عظيما، إني أرى أنه، سيأتي عليكم يوم وهو سيدكم، ثم يحمله فيجلسه معه، ثم يلتفت إلى أبي طالب - وذلك أن أبا طالب و عبد الله رضي الله عنهما من أم واحدة - فيقول: إن لهذا الغلام شأنا عظيما فاحفظه واستمسك به فإنه فرد وحيد، وكن له كالأم، لا يصل إليه شئ يكرهه.
ثم يحمله على عاتقه (1) فيطوف به أسبوعا، ثم قدمت به أمه على أخواله من بني النجار (2) فماتت بالابواء بين مكة والمدينة، ودفنت بها.
فازداد عبد المطلب له رقة وحفظا، أن لا أب له، ولا أم.
فلما أدرك عبد المطلب - رضي الله عنه - الوفاة (3) ومحمد صلى الله عليه وآله على صدره وهو في غمرات الموت، وهو يبكي، ويلتفت إلى أبي طالب (رضي الله عنه) ويقول: أبصر (4) أن تكون حافظا لهذا الوحيد الذي لم يشم رائحة أبيه، ولا ذاق شفقة أمه.
يا أبا طالب إذا أدركت أيامه فاعلم أني كنت من أبصر الناس له، وأعلم الناس به، فان استطعت أن تتبعه فافعل، وانصره بلسانك، ويدك، ومالك فإنه - والله - سيسودكم، ويملك ما لم يملك أحد من آبائي، هل قبلت وصيتي؟