وهو ظاهر لمن نظر فيما فعلوا بالفرقة الناجية من التنكيل والتعذيب والقتل والنهب وغير ذلك من أنواع الاستخفاف (وقد بعث الله عز وجل إليكم - آه) مر تفسيره قبل ذلك ولعل الخطاب للمؤمنين لترغيبهم في المتابعة والأعم محتمل (وأنزل عليه كتابا عزيزا كثير النفع عدم النظير (لا يأتيه الباطل من بين يديه) من الأمور الماضية.
(ولا من خلفه) من الأمور الآتية أولا يأتيه ما يبطله في جهة من الجهات وانما خص هاتين الجهتين بالذكر لان الآتي يأتي غالبا فيهما (تنزيل من حكيم) يعلم الأشياء كما هي ويضع كل شئ في موضعه (حميد) يحمده جميع المخلوقات أو يحمد هو ذاته بذاته كما هو أهله (قرآنا غير ذي عوج) لا اختلاف فيه بوجه (لينذر من كان حيا) قابلا للانذار مستعدا لقبوله (ويحق القول) وهو كلمة العذاب (على الكافرين) قيل: دلت المقابلة على انهم أموات وان سبب موتهم هو الكفر وفي ذكر الكتاب ووصفه بما ذكر ترغيب في الاقتداء به وعدم المخالفة له والغفلة عن امر الآخرة بالامل في الدنيا وتوقع طول الامل فلذلك فرع عليه وقال (فلا يلهينكم الامل) في الدنيا وحطامها (ولا يطولن عليكم الاجل) وهو محركة غاية الوقت في الموت ومدة العمر والأمل وتوقع طول الاجل تابعان لحب الدنيا الذي هو رأس كل خطيئة وموجبان للغفلة عن الآخرة ومهلكان هلاكا أبديا فلذلك قال (فإنما أهلك من كان قبلكم) من هذه الأمة والأمم السابقة (أمد أملهم) أمد الشئ محركة غايته ومنتهاه وأوله أيضا والأول أظهر والثاني أبلغ (وتغطية الآجال عنهم) وهي كناية عن الغفلة عنها ثم أشار إلى عاقبة ذلك للتنبيه على شدتهما بقوله (حتى نزل بهم الموعود) الذي ترد عنه المعذرة وترفع عنه التوبة (وتحل) معه القارعة والنقمة والموعود الموت وحضور آثاره، والقارعة الداهية العظيمة والبلية الشديدة والقيامة والنقمة والعقوبة والضمائر للموصول على الظاهر، وعن للمجاوزة أو التعليل أو بمعنى الباء (وقد أبلغ الله عز وجل إليكم) بالوعيد الابلاغ الايصال، والباء للتبعيض كما في قوله تعالى (عينا يشرب بها عباد الله) أو زائدة للتأكيد والوعيد التشديد وفي بعض النسخ بالوعد (وفصل لكم القول) في المبدء والمعاد والحلال والحرام وغيرها (وعلمكم السنة) وهي الطريقة الشرعية والسيرة النبوية الداعية إلى كل خير والزاجرة عن كل شر (وشرع لكم المناهج) أي سنها وأظهرها وبينها لكم والمنهج السبيل الواضح والطريق المستقيم ولا يبعد أن يراد بها أهل الولاية (عليهم السلام) (ليزيح العلة) تعليل للأفعال المذكورة والإزاحة الإزالة، والمراد بالعلة هنا حجة العباد على الله تعالى وعذرهم في المخالفة (وحث على الذكر) بالقلب واللسان في جميع الأحوال خصوصا في موارد الامر والنهى والذكر طاعة تنشأ منها طاعات كثيرة وحالات غريبة لا يعرفها الا الذاكرون (ودل على النجاة) من أهوال الآخرة وعقوباتها ببيان ما يوجب التخلص منها (وأنه من انتصح الله) انه بفتح