حملته وتناساه حفظته) كان المراد بالكتاب معانيه ومقاصده وأحكامه وبضميره ألفاظه وعباراته وكلماته على سبيل الاستخدام وكون المراد من الجملة والحفظة علماء الكتاب ونبذهم إياه باعتبار كساد سوقه وعدم رواجه بعيد وفي ترك التنابذ أولا وذكر التناسي ثانيا فائدة لطيفة هي الايماء إلى أن الكتاب يطلبهم فالنبذ من طرقهم ثم بعد النبذ هو ينساهم كما أنهم نسوه ومن المشهورات ان لم تردني لم أردك (حتى تمالت بهم الأهواء) كان تمالت أصله تمايلت بالنقل كما في شاكي السلاح ثم بالقلب والحذف أو تعالوت بالقلب والحذف من الملو وهو السير الشديد والباء للتعدية أي سيرتهم الأهواء وبالعكس في طريق الباطل أو تمالات بتخفيف الهمزة بمعنى تعاونت وتساعدت أو تمالت بالثاء المثلثة لو ثبتت روايته بمعنى تداهن وتلاعب وفي بعض النسخ عال بالعين المهملة بمعنى مال (وتوارثوا ذلك من الاباء) أشار إلى أن ذلك المذكور من الخصال القبيحة شنشنة اتخذها الأبناء من الاباء والى استمرارها وطول مدتها وقد ذمهم الله عز وجل عليها في مواضع عديدة من القرآن الكريم.
(وعملوا بتحريف الكتاب كذبا) على الله وعلى رسوله وتكذيبا لحملته وحفظته ومن تبعهم (فباعوه بالبخس) وهو الزيف أو النقص فإنهم استبدلوه بالدنيا والدنيا كلها بخس فكيف ما وجدوه منها بسبب التحريف في أعمارهم القصيرة، وفيه ايماء إلى ان ذلك صدر منهم عن قصد (وكانوا فيه من الزاهدين) الراغبين عنه لجهلهم بقدره ومنزلته فحالهم كحال من له جوهرة نفيسة لا يعرف قدرها ولا قيمتها فيبيعها بثمن يسير لا قدر له ويظن أنه ربح فيه وفيه اما متعلق بالزاهدين ان جعل اللام للتعريف، أو بمحذوف يبينه الزاهدين ان جعل بمعنى الذي لأن متعلق الصلة لا يتقدم على الموصول (فالكتاب وأهل الكتاب) الحامل له العالم العامل به وهم أهل العصمة (عليهم السلام) ومن تبعهم (في ذلك الزمان طريدان منفيان) تأيد أو الأول الطرد والابعاد عن المعاشرة والثاني النفي عن البلد (وصاحبان مصطحبان في طريق واحد) وهو طريق الحق وفيه أيضا تأكيدا والأول من الصحبة بمعنى المعاشرة والثاني من الصحبة بمعنى الحفظ وكل منهما يحفظ الاخر عن الضياع (لا يؤويهما مؤو) أي لا ينزلهما أحد في منزله، وفي المهذب الايواء جا دادن أولايرق لهما ذورقة (فحبذا ذانك الصاحبان واها لهما ولما يعملان له) من قرب الحق ودخول الجنة والسعادة الأبدية روت العامة من ابتلى فصبر واها واها في القاموس واها ويترك تنوينه كلمة التعجب من طيب شيء وكلمة تلهف وفى النهاية قيل: معنى هذه الكلمة التلهف وقد توضع موضع الاعجاب بشئ يقال واها له وقد ترد بمعنى التوجع، وقيل: التوجع يقال في آها ومنه ان يكن خيرا فواها واها وان يكن شرا فآها آها (فالكتاب وأهل الكتاب في ذلك الزمان في الناس) من حيث الوجود والتحيز واللوازم الجسمانية (وليسوا فيهم) من حيث العمل والاتصاف