الملوك وهو متعلق باستدراجهم (حتى توالدوا في المعصية) كالكفر فإن المتولد من الكافر كافر غالبا كما ترى في اليهود والنصارى وغيرهم (ودانوا بالجور) أي اعتادوا أو قضوا أو حكموا بالجور أو قهروا أو غلبوا واستعلوا على أهل الحق به (والكتاب لم يضرب عن شيء منه صفحا) أي الكتاب لم يصرفهم عن شئ من أفراد الجور صرفا لتماديهم في الضلالة وتقديم الكتاب لتقوية الحكم والمصدر لتأكيد النفي (ضلالا تائهين) ضلال جمع ضال ككتاب جمع كاتب والتايه المتحير في طريق الضلالة (قد دانوا بغير دين الله) أي اتخذوا غير دين الله دينا لهم (وادانوا لغير الله) أي عبدوا لغير الله واصل الإدانة اعطاء الدين فمن عمل لله فهو دين عليه يؤديه وقت الحاجة ومن عمل لغيره وكله على ذلك الغير (مساجدهم في ذلك الزمان عامرة من الضلالة خربة من الهدى) لكونها مملوة من الضلالة وأربابها وخالية من الهداية وأصحابها (فقراؤها وعمارها اخائب خلق الله وخليقته) لعل المراد بالقراء العلماء وبالعمار العباد فهو أعم وبالخلق الناس وبالخليقة البهائم أوهما بمعنى واحد ويراد بهما جميع الخلائق (من عندهم جرت الضلالة واليهم تعود) كعود الفروع إلى الأصول وعود وزر كل بدعة إلى مبدعها من غير أن ينقص شيء من أوزار التابعين (فحضور مساجدهم والمشي إليها كفر بالله العظيم) لأنه معصيته مؤدية إلى معصية كثيرة موبقة والباء صلة للكفر وكونه للقسم بعيد (الا من مشى إليها وهو عارف بضلالهم) لابد في تصحيح الاستثناء من تجوز في المستثنى منه أو تقدير في المستثنى (فصارت مساجدهم في فعالهم على ذلك النحو) المذكور (خربة من الهدى) وأهله (عامرة من الضلالة) وأهلها (قد بدلت سنة الله) بالسنة المستندة إلى آرائهم.
(وتعديت حدوده) إلى الحدود المستنبطة من أهوائهم (ولا يدعون إلى الهدى) لانكارهم إياه واتصافهم بضده (ولا يقسمون الفىء) على الوجه المعلوم من القرآن والسنة (ولا يوفون بذمة) لله ولرسوله وللمؤمنين (يدعون القتيل منهم على ذلك) المذكور من العقائد الباطلة والاعمال الفاسدة (شهيدا) يستحق ثواب الشهداء ودرجة الأولياء (قد أتوا الله بالافتراء) عليه وعلى رسوله والجحود للحق وأهله (واستغنوا بالجهل) البسيط والمركب (عن العلم) بالدين وأخذه من أهله (ومن قبل ما مثلوا بالصالحين كل مثلة) «ما» زائدة كما قيل في قوله تعالى حكاية (ومن قبل ما فرطتم في يوسف) والمثلة بالضم التنكيل وهو قطع الانف والمراد هنا التعذيب والايذاء والاستخفاف والاستحقار يقال مثل به يمثل مثلا ومثلة إذا نكل به ومثله تمثيلا للمبالغة، وكأنه إشارة إلى ما فعلوا به (عليه السلام) وبأبي ذر وسلمان والمقداد وعمار وأضرابهم من الصالحين بعد قبض النبي (صلى الله عليه وآله) (وسموا صدقهم على الله فرية) حيث سموا افتراء أنفسهم صدقا فسموا كل ما يخالفه وهو صدق الصالحين افتراء (وجعلوا في الحسنة) من العقايد والاعمال (العقوبة السيئة)