الهمزة عطف على النجاة وبكسرها ابتداء كلام والضمير للشأن والانتصاح قبول النصيحة والله منصوب بنزع الخافض يعني من قبل النصيحة من الله ونصيحة الله عبارة عن ازادة الخير للعباد وطلبه منهم وقبوله هو القيام بوظايف الخيرات واتخذ قوله (دليلا) على المطالب الدنيوية والأخروية متجاوزا عن الآراء والأهواء النفسانية والوساوس الشيطانية (هداه للتي أقوم) أي هداه بالهدايات الخاصة التي لأوليائه إلى الطريقة أو الحالة أو الملة التي هي أقوم الطرق والحالات والملل ويدخل في تلك الطريقة الولاية للأوصياء (عليهم السلام) كما نطق به بعض الروايات (ووفقه للرشاد) أي السيرة النبوية والطريقة الإلهية والسعادة الأبدية وحذف المفعول للتعميم (وسدده) أي قومه ووفقه للسداد وهو الصواب في القول والعمل والقصد في الامر والعدل فيه (ويسره للحسنى) أي يهيئه للمثوبات الحسنى أو الكلمات الدالة على الحق أو الخصلة الحسن كلها وفيه دلالة واضحة على ان قبول نصيحة الله تعالى والاخذ بقوله يوجبان ترقيات عظيمة والتجربة أيضا شاهدة صدق عليه (فإن جار الله آمن محفوظ) تعليل لما قبله وجار الله من لجاء إليه وتضرع بين يديه واعتمد في كل الأمور عليه ومن كان كذلك فهو آمن من الضلالة والمكروهات محفوظ من الغواية والعقوبات (وعدوه خائف) مغرور عدوه من عدل عن صراطه المستقيم وتمسك برأيه السقيم وهو خائف دايما من كشف سريرته وحاله ونزول عقوبته ونكاله مغرور بالدنيا وزهراتها بجهالة النفس ومخترعاتها والغرة بالكسر الخدعة.
(فاحترسوا من الله عز وجل بكثرة الذكر) الاحتراس التحفظ أي تحفظوا من خذلانه ونكاله واستدراجه بكثرة الذكر والدعاء كما قال عز وجل (واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون) (واخشوا منه بالتقى) من سخطته وعقوبته بالتحرز عن مخالفته ومعصيته وفيه تنبيه على ان الخشية بدون التقوى غير نافعة لأن الخشية من عقوبة الله تعالى مع القيام بموجباتها حمق وسخافة.
(وتقربوا إليه بالطاعة) له ولرسوله ولأولى الامر وقد أشار إلى أمرين لابد منهما أحدهما التقوى للنجاة من العقوبة والاخر الطاعة للدخول في الرحمة والجنة (فإنه قريب مجيب) تعليل لما سبق وحث على القيام به فإن علم العبد بأنه تعالى قريب يرى ويسمع وانه مجيب يقابل الدعاء والسؤال والطاعة بالقبول والعطاء والثواب يبعثه على التقوى والطاعة والذكر والدعاء واستشهد لذلك مع ظهوره بالآية فقال قال الله عز وجل (وإذا سألك عبادي عني) قريب أنا أم بعيد وفي إذا كما في بعض الرواية دلالة على تحقق السؤال (فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان) قال المفسرون: هو تمثيل لحال علمه بأقوالهم وأعمالهم واطلاعه بأحوالهم بحال من قرب منهم تمثيل معقول بمحسوس لقصد الايضاح وان كان قربه تعالى أكمل كما قال (ونحن أقرب إليه من حبل الوريد) (فليستجيبوا لي) الاستجابة من الجواب في القاموس استجابه واستجاب له وتجاوبوا