جاوب بعضهم بعضا، وفي الكنز استجابة جواب گفتن وقبول كردن يعني فليبادروا إلى الجواب والقبول إذا دعوتهم إلى شيء كما أجيبهم إذا دعوني لمهماتهم (وليؤمنوا بي) إذا دعوتهم إلى الايمان أو وليثبتوا على الايمان بي أو وليؤمنوا بي على النحو المذكور وهو انى قريب مجيب (لعلهم يرشدون) في محل النصب على الحال أي راجين الرشاد وإصابة الحق والوصول إلى مقام القرب والمرجو هنا متحقق الوقوع قطعا (فاستجيبوا لله وآمنوا به) كما أمركم به (وعظموا الله الذي لا ينبغي لمن عرف عظمة الله ان يتعظم) تعرف عظمته بمعرفة عظمة خلقه من السماوات والأرضين وما فيهما وما بينهما وما في الآفاق والأنفس مع معرفة ذل الخلائق بين يديه وبسط أيدي الحاجة إليه ومن حصلت له تلك المعرفة ينبغي أن يثبت طاعته ويفر عن معصيته ولا يتعظم ولا يستكبر عن عبادته بترك أوامره ونواهيه (ان الذين يستكبرون عن عبادته سيدخلون جهنم داخرين) ثم أشار إلى ما يحصل به تعظيمه وما يترتب عليه من الفوايد الجليلة التي يطلبها العقلاء بقوله (فإن رفعة الذين يعلمون ما عظمة الله أن يتواضعوا له) الرفعة بالكسر الشرف وعلو القدر والتواضع لله تعالى شامل للتواضع للرسول والأوصياء والمؤمنين والحمل للمبالغة في السببية.
(وعز الذين يعلمون ما جلال الله أن يذلوا له) العزة القوة والكرامة خلاف للذلة والجلال والعظمة متقاربان، ولعل الثاني باعتبار الذات والأول باعتبار الصفات والذلة له بالعبودية واظهار العجز والمسكنة والاعتقاد لديه (وسلامة الذين يعلمون ما قدرة الله أن يستسلموا له) أي سلامتهم من الآفات والمكاره في الدنيا والآخرة الاذعان والانقياد له في جميع الأمور لعلمهم بأن قدرته قاهرة غالبة لا راد لها في التعذيب والإثابة (فلا ينكرون أنفسهم) ولا يجهلونها بعد حد المعرفة المذكورة فإنهم بعد معرفة عظمة الله وجلاله وقدرته يعلمون ان اللايق بحالهم التواضع والتذلل والاستسلام له (ولا تضلون بعد الهدى) أي لا يضلون عن سبيل ما يليق به تعالى وما يليق بهم بعد هدايتهم إليه (فلا تنفروا من الحق نفار الصحيح من الأجرب) خوفا من السراية والنفار بالكسر الفرار والتباعد (والبارىء من ذي السقم) البارىء من نقه من مرضه أي صح وفيه ضعف من البرء بالضم يقال برء ككرم وفرح برء نقه وأبرأه الله فهو بارىء وبرىء والسقم كجبل وقفل المرض ولما كانت هناك أمور مطلوبة لا يتحقق ولا يستقر إلا بأمور مطلوبة أخرى وبالمجموع يتم كمال الدين ونظام الدنيا أشار إليها وحث عليها بقوله (واعلموا انكم لن تعرفوا الرشد) أي الصواب والحق (حتى تعرفوا الذي تركه) لا يقال معرفة تارك الرشد تتوقف على معرفة الرشد فلو انعكس لزم الدور لأنا نقول المراد أن هاتين المعرفتين ينبغي ان تكونا معا إذ انتفاء الثانية يؤدى إلى متابعة تارك الرشد غالبا وذلك يوجب انتفاء الأولى أيضا أو نقول معرفة الرشد كناية عن الثبات والاستمرار عليه وهو متوقف على معرفة تارك