خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) * الأصل:
586 - أحمد بن محمد، عن سعد بن المنذر بن محمد، عن أبيه عن جده، عن محمد بن الحسين، عن أبيه، عن جده، عن أبيه قال: خطب أمير المؤمنين (عليه السلام) - ورواها غيره بغير هذا الاسناد وذكر أنه خطب بذي قار - فحمد الله وأثنى عليه:
ثم قال: أما بعد فان الله تبارك وتعالى بعث محمد (صلى الله عليه وآله) بالحق ليخرج عباده من عبادة عباده إلى عبادته، ومن عهود عباده إلى عهوده ومن طاعة عباده إلى طاعته، ومن ولاية عباده إلى ولايته، بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، عودا وبدءا وعذرا ونذرا، بحكم قد فصله وتفصيل قد أحكمه وفرقان قد فرقه وقرآن قد بينه ليعلم العباد ربهم إذ جهلوه وليقروا به إذ جحدوه وليثبتوه بعد إذ أنكروه فتجلى لهم سبحانه في كتابه من غير أن يكونوا رأوه، فأراهم حلمه كيف حلم وأراهم عفوه كيف عفا، وأراهم قدرته كيف قدر، وخوفهم من سطوته، وكيف خلق ما خلق من الآيات وكيف محق من محق من العصاة بالمثلات واحتصد من احتصد بالنقمات وكيف رزق وهدى وأعطا وأراهم حكمه كيف حكم وصبر حتى يسمع ما يسمع ويرى.
فبعث الله عزوجل محمد (صلى الله عليه وآله) بذلك ثم إنه سيأتي عليكم من بعدي زمان ليس في ذلك الزمان شئ أخفى من الحق ولا أظهر من الباطل ولا أكثر من الكذب على الله تعالى ورسوله (صلى الله عليه وآله) وليس عند أهل ذلك الزمان سلعة أبور من الكتاب إذا تلي حق تلاوته ولا سلعة أنفق بيعا ولا أغلى ثمنا من الكتاب إذا حرف عن مواضعه وليس في العباد ولا في البلاد شيء هو أنكر من المعروف ولا أعرف من المنكر، وليس فيها فاحشة أنكر ولا عقوبة أنكى من الهدى عند الضلال في ذلك الزمان فقد نبذ الكتاب حملته، وتناساه حفظته حتى تمالت بهم الأهواء وتوارثوا ذلك من الاباء وعملوا بتحريف الكتاب كذبا وتكذيبا فباعوه بالبخس وكانوا فيه من الزاهدين، فالكتاب وأهل الكتاب في ذلك الزمان طريدان منفيان وصاحبان مصطحبان في طريق واحد لا يأويهما مؤو، فحبذا ذانك الصاحبان واها لهما ولما يعملان له، فالكتاب وأهل الكتاب في ذلك الزمان في الناس وليسوا فيهم ومعهم وليسوا معهم وذلك لأن الضلالة لا توافق الهدى وإن اجتمعا، وقد اجتمع القوم على الفرقة وافترقوا عن الجماعة قد ولوا أمرهم وأمر دينهم من يعمل فيهم بالمكر والمنكر والرشاء والقتل كأنهم أئمة الكتاب وليس الكتاب إمامهم، لم يبق عندهم من الحق إلا اسمه ولم يعرفوا من الكتاب إلا خطه وزبره، يدخل الداخل لما يسمع من حكم القرآن فلا يطمئن جالسا حتى يخرج من الدين