حديث الفقهاء والعلماء * الأصل:
477 - عنه، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام):
كانت الفقهاء والعلماء إذا كتب بعضهم إلى بعض كتبوا بثلاثة ليس معهن رابعة، من كانت همته آخرته كفاه الله همه من الدنيا ومن أصل سريرته أصلح الله علانيته ومن أصلح فيما بينه وبين الله عز وجل أصلح الله تبارك وتعالى فيما بينه وبين الناس.
* الشرح:
(حديث الفقهاء والعلماء) العالم أعم من الفقيه باعتبار أن الفقه يتعلق بالأحكام والعلم يتعلق بها وبغيرها، أو باعتبار أن الفقه في عرف المحدثين المتقدمين كما صرح به جماعة من المحققين بصيرة قلبية تامة في الدين تابعة للإدراك توجب الميل إلى الآخرة ورفض الدنيا ومقت أهلها في ذات الله تعالى والعلم أعم منها ومن الإدراك وإن أريد بالعلم أيضا في عرفهم تلك البصيرة كما صرح به بعض الأكابر كانت بينهما مساواة والعطف للتفسير، ثم المراد بهم إما فقهاء هذه الأمة وعلمائهم أو الأعم الشامل للأمم السابقة (من كانت همته آخرته كفاه الله همه من الدنيا) الهمة بالكسر وتفتح: ما هم به ليفعل، وفي بعض النسخ «من كان همه» وهو الحزن والقصد يعني من كان حزنه بأمر الآخرة وقصده إليه وجد في تحصيله كفاه الله همه ومؤونته من الدنيا، نعم من كان لله كان الله له ومن أقبل إلى ما يحب الله أقبل الله إلى ما يحبه (ومن أصلح سريرته أصلح الله علانيته) إصلاح السريرة: وهو تنزيه القلب عن الرذائل وتزيينه بالفضايل وربطه بالعقايد الحقة يوجب صلاح الظاهر لأن الظاهر تابع للباطن ولو صدر منه مالا ينبغي نادرا أو مال إليه أصلح الله له بالعفو والتفضل ووفقه للصرف عنه (ومن أصلح فيما بينه وبين الله عز وجل أصلح الله تبارك وتعالى فيما بينه وبين الناس) إصلاح الأول هو الامتثال بأوامره وزواجره وآدابه ومن داوم عليه أصلح الله تعالى بينه وبين الناس وصرف قلوبهم إليه بالمحبة له والإتيان بما فيه نظام حاله ألا ترى أن عبدك إذا كان في رعاية حقوقك وامتثال أمرك دائما تأمر سائر عبيدك بالمحبة له ورعاية حقوقه ولو صدرت منه بادرة بالنسبة إليهم تطلب منهم العفو عنه والرضا منه.
واعلم أن هذه الكلمات الجزيلة مشتملة على جميع أنواع الفضيلة الدنيوية والأخروية والعقلية والعملية ولذلك داوم على مكاتبتها الفقهاء والعلماء وليس المقصود من نقل مكاتبتهم مجرد الأخبار بل الحث على الأسوة بهم في العلم والعمل.