شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١٢ - الصفحة ٩
حديث أهل الشام * الأصل:
67 - عنه، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن داود، عن محمد بن عطية قال: جاء رجل إلى أبي جعفر (عليه السلام) من أهل الشام من علمائهم فقال: يا أبا جعفر جئت أسألك عن مسألة قد أعيت علي أن أجد أحدا يفسرها وقد سألت عنها ثلاثة أصناف من الناس فقال كل صنف منهم شيئا غير الذي قال الصنف الآخر فقال له أبو جعفر (عليه السلام): ما ذاك؟ قال: فإني أسألك عن أول ما خلق الله من خلقه (1) فإن بعض من سألته قال: القدر وقال بعضهم: القلم وقال بعضهم الروح فقال أبو جعفر (عليه السلام): ما قالوا شيئا، أخبرك أن الله تبارك وتعالى كان ولا شيء غيره. وكان عزيزا ولا أحد كان قبل عزه وذلك قوله (سبحان ربك رب العزة عما يصفون) وكان الخالق قبل المخلوق ولو كان أول ما خلق من خلقه الشيء من الشيء إذا لم يكن له انقطاع أبدا ولم يزل الله إذا ومعه شيء ليس هو يتقدمه ولكنه إذ لا شيء غيره وخلق الشيء الذي جميع الأشياء منه وهو الماء الذي خلق الأشياء منه فجعل نسب كل شيء إلى الماء ولم يجعل للماء نسبا يضاف إليه وخلق الريح من الماء ثم سلط الريح على الماء فشققت الريح متن الماء حتى ثار من الماء زبد على قدر ما شاء أن يثور

(١) قوله «عن أول ما خلق الله من خلقه» المستفاد من جواب الإمام المعصوم العالم بأدواء النفوس وعلاجها والمطلع على أسرار الضمائر وكوامن القلوب أن هذا السائل كان مبتلى كساير العوام بالعجز عن بيان ما يختلج بباله من الإشكال وأن أصل اضطراب قلبه وتردده في كيفية خلق الأشياء المادية من العدم والراسخ في ذهنه أن كل مصنوع لابد أن يصنع من مادة سابقة عليه فسأل عن المادة الأولى التي خلق كل شيء منها، وكان الجواب الذي سمعه ممن سمعه غير مقنع له إذ لا معنى لكون المصنوعات جميعا مخلوقة من القضاء والقدر ولا من القلم ولا من الروح إذ لا يكون شيء من هذه الأمور مادة لصنع الأشياء، ولم يكن سؤاله عن العلل الفاعلية بل عن العلل المادية التي لابد أن تكون مقدمة على صنعة الصانع على ما كان يراه من عمل أمثال النجار والبناء حيث يعملون ما يعملون في الخشب والطين والحجر فابتدأ (عليه السلام) بإزالة وهمه وبين أن الله تعالى لا يجوز أن يصنع الأشياء من شيء موجود قبله أو معه وإنما يحتاج إلى المواد، الفاعل الصانع البشري والله تعالى هو خالق المواد ولو كان إيجاد كل مصنوع متوقفا على شيء سابق عليه وذلك على شيء آخر وهكذا ذهب الأمر إلى غير النهاية ووجب إثبات شيء غير مخلوق مع الله أزلي بأزليته والإمام (عليه السلام) رأى أنه لم يبدأ بإزالة وهمه هذا واكتفى بأن المخلوق الأول هو الماء لسأل السائل عن الماء مم خلق فإن قيل خلق من جوهرة خضراء لسأل السائل مم خلق الجوهرة الخضراء وهكذا ثم أجاب بما أجاب.
ومراده (عليه السلام) من تضعيف قول من قال إن أول ما خلق الله الروح أو القلم أو القدر أنه لم يقع موقعه من السؤال وإلا فجميع هذه أيضا مروية وقد سبق في أول الكتاب أن أول ما خلق الله العقل وروي أن أول ما خلق نور رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولكن لم يكن سؤال السائل إلا عن المادة الأولى للأجسام وكم من كلام صحيح لا يمكن أن يقع جواب سائل، مثل قوله (قل هو الله أحد) في جواب من سأل عن نصاب الزكاة. (ش)
(٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 حديث الرياح 3
2 حديث أهل الشام 9
3 حديث الجنان والنوق 17
4 حديث أبي بصير مع المرأة 27
5 [في حب الأئمة] 39
6 حديث آدم (عليه السلام) مع الشجرة 52
7 حديث نصراني الشام مع الباقر (عليه السلام) 71
8 حديث أبي الحسن موسى (عليه السلام) 73
9 حديث نادر 83
10 «حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله)» 91
11 حديث عيسى ابن مريم (عليهما السلام) 96
12 حديث إبليس 139
13 حديث محاسبة النفس 141
14 حديث من ولد في الاسلام 155
15 حديث زينب العطارة 167
16 حديث الذي أضاف رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالطائف 171
17 حديث الناس يوم القيامة 180
18 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 204
19 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 215
20 حديث قوم صالح (عليه السلام) 243
21 حديث الصيحة 279
22 حديث يأجوج ومأجوج 293
23 حديث القباب 311
24 حديث نوح (عليه السلام) يوم القيامة 372
25 حديث أبي ذر رضى الله عنه 417
26 حديث الفقهاء والعلماء 433
27 حديث الذي أحياه عيسى (عليه السلام) 479
28 حديث إسلام علي (عليه السلام) 481
29 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 501
30 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 517
31 حديث العابد 555
32 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 557