يجعل في أحد من معرفة ادراكه أكثر من العلم أنه لا يدركه) أي لا يدرك حقيقة ذاته وصفاته لأن ادراكها ممتنع فكذا في المشبه وقد ذكرنا طريق معرفته في كتاب التوحيد من الأصول. ثم أشار إلى ما يتفرع على المشبه بقوله (فشكر جل وعز معرفة العارفين بالتقصير عن معرفة شكره) الاعتراف بهذا التقصير لازم للاعتراف بالتقصير عن معرفة نعمه (فجعل معرفتهم بالتقصير) عنهما (شكرا وجزاهم جزاء الشاكرين وأشار إلى ما يترتب على المشتبه به بقوله (كما علم علم العالمين أنهم لا يدركونه فجعله ايمانا) وجزاهم جزاء المؤمنين (علما منه أنه قد وسع العباد فلا يتجاوز ذل) علما علة لقوله، فجعل معرفتهم بالتقصير شكرا، وجعل علم العالمين بأنهم لا يدركونه» ايمانا والقد بالكسر والشد القدر وضمير يتجاوز راجع إلى الوسع وذلك إشارة إلى اعتراف العارفين بالتقصير وعلم العالمين انهم لا يدركونه وارجاع الضمير إليه سبحانه وإشارة ذلك إلى الجعلين احتمال بعيد (فإن شيئا من خلقه لا يبلغ مدى عبادته) أي غاية عبادته اللايقة به وقد اعترف خاتم الأنبياء وسيد الأوصياء بالتقصير وروى عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) أنه قال لبعض ولده «يا بنى عليك بالجد لا تخرجن نفسك عن حد التقصير عبادة الله عز وجل وطاعته فإن الله لا يعبد حق عبادته» (وكيف يبلغ مدى عبادة من ليس له مدى ولا كيف) لأن اللايق بمن ليس له مدى وكيف عبادة خلت عنهما إذ كل ما هما له ممكن ناقص لا يليق بالله المتعالي عنهما علوا كبيرا، ولا ريب ان العبد لا يقدر ان يبلغ مدى هذه العبادة إذ له مدى ولا مدى لها وانما يقدر على عبادة متصفة بهما وهي لا يليق به.
* الأصل:
593 - محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم، عن عنبسة بن بجاد العابد، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كنا عنده وذكروا سلطان بني امية فقال أبو جعفر (عليه السلام):
لا يخرج على هشام أحد إلا قتله، قال: وذكر ملكه عشرين سنة قال: فجزعنا، فقال: مالكم; إذا أراد الله عزوجل أن يهلك سلطان قوم أمر الملك فأسرع بسير الفلك (1) فقدر على ما يريد؟ قال: فقلنا