الذي حرفه، ولن تعرفوا الضلالة حتى تعرفوا الهدى، ولن تعرفوا التقوى حتى تعرفوا الذي تعدى.
فإذا عرفتم ذلك عرفتم البدع والتكلف ورأيتم الفرية على الله وعلى رسوله والتحريف لكتابه ورأيتم كيف هدى الله من هدى، فلا يجهلنكم الذين لا يعلمون، إن علم القرآن ليس يعلم ما هو إلا من ذاق طعمه، فعلم بالعلم جهله وبصر به عماه وسمع به صممه وأدرك به علم ما فات وحيى به بعد إذ مات وأثبت عند الله عز ذكره الحسنات ومحابه السيئات وأدرك به رضوانا من الله تبارك وتعالى فاطلبوا ذلك من عند أهله خاصة فانهم خاصة نور يستضاء به وأئمة يقتدي بهم وهم عيش العلم وموت الجهل هم الذين يخبركم حكمهم عن علمهم وصمتهم عن منطقهم وظاهرهم عن باطنهم لا يخالفون الدين ولا يختلفون فيه فهو بينهم شاهد صادق وصامت ناطق، فهم من شأنهم شهداء بالحق، ومخبر صادق لا يخالفون الحق ولا يختلفون فيه، قد خلت لهم من الله السابقة ومضى فيهم من الله عزوجل حكم صادق، وفي ذلك ذكرى للذاكرين، فاعقلوا الحق إذا سمعتموه عقل رعاية ولا تعقلوه عقل رواية فان رواة الكتاب كثير ورعاته قليل والله المستعان.
* الشرح:
قوله (خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام)) فيها نصيحة بالغة للانقطاع عن الخلق والى الله تعالى وبيان لفساد الزمان وأهله بعده (عليه السلام) وحث على كثرة الذكر والدعاء لدفع ضرر الأعداء وعلى التمسك بدين الحق والرجوع على أهل العلم (خطب بذي قار) هو موضع بين كوفة وواسط (ثم قال أما بعد الحمد لله والثناء عليه فإن الله تبارك وتعالى بعث محمد (صلى الله عليه وآله) بالحق) وهو كل ما أوحى إليه وجاء به أو القرآن أو هداية الخلق وارشادهم (ليخرج عباده من عبادة عباده إلى عبادته) فإن الخلق كلهم عند بعثته كانوا مشركين يعبدون غيره تعالى كعزير وعيسى ومريم والملائكة والشمس والقمر والزهرة وغيرهم كما مر في كتاب العلم من الأصول» ومن عهود عباده إلى عهوده) العهد الوصية والأمان والذمة والحفاظ ورعاية الحرمة ولعل المراد بعهود العباد ما قرروه بينهم وتعاهدوا عليه مما فيه سخط الله تعالى وبعهود الله تعالى كل ما قرره عليهم وفيه رضاه (ومن طاعة عباده إلى طاعته) المراد بطاعة العباد الانقياد لهم فيما لا يجوز عقلا ونقلا وطاعته تعالى الانقياد والتسليم له في كل ما أراد منهم (ومن ولاية عباده إلى ولايته) المراد بولاية العباد ولاية الكافر والمنافق والفاسق من حيث أنه فاسق وبولايته تعالى ولايته وولاية الرسول وأهل البيت (عليهم السلام) والشرع نفى بعض الولايات وأثبت بعضها (بشيرا) بالثواب والكرامة وما يوجب الوصول اليهما (ونذيرا) من العقاب والشقاوة وما يوجب الدخول فيهما وهما حالان عن محمد (صلى الله عليه وآله) (وداعيا إلى الله باذنه وسراجا منيرا) لكونه نورا في الذات والصفات وبانارته ظهر الحق وارتفع الجهالات (عودا وبدءا)