به وإمامنا الذي نقتدي به وأمرك كله رشد وقولك كله أدب، قد قرت بك في الحياة أعيننا وامتلأت من سرور بك قلوبنا وتحيرت من صفة ما فيك من بارع الفضل عقولنا ولسنا نقول لك: أيها الإمام الصالح تزكية لك ولا نجاوز القصد في الثناء عليك ولن يكن في أنفسنا طعن على يقينك أو غش في دينك فنتخوف أن تكون أحدثت بنعمة الله تبارك وتعالى تجبرا أو دخلك كبر ولكنا نقول لك ما قلنا تقربا إلى الله عز وجل بتوقيرك وتوسعا بتفضيلك وشكرا بإعظام أمرك. فانظر لنفسك ولنا وآثر أمر الله على نفسك وعلينا، فنحن طوع فيما أمرتنا ننقاد من الامور مع ذلك فيما ينفعنا.
فأجابه أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: وأنا أستشهدكم عند الله على نفسي لعلمكم فيما وليت به من اموركم وعما قليل يجمعني وإياكم الموقف بين يديه والسؤال عما كنا فيه، ثم يشهد بعضنا على بعض فلا تشهدوا اليوم بخلاف ما أنتم شاهدون غدا فان الله عز وجل لا يخفى عليه خافية ولا يجوز عنده إلا مناصحة الصدور في جميع الامور، فأجابه الرجل ويقال: لم ير الرجل بعد كلامه هذا لأمير المؤمنين (عليه السلام) فأجابه وقد عال الذي في صدره فقال والبكاء يقطع منطقه وغصص الشجا تكسر صوته إعظاما لخطر مرزئته ووحشة من كون فجيعته.
فحمد الله وأثنى عليه، ثم شكا إليه هول ما أشفى عليه من الخطر العظيم والذل الطويل في فساد زمانه وانقلاب حد وانقطاع ما كان من دولته، ثم نصب المسألة إلى الله عز وجل بالامتنان عليه والمدافعة عنه بالتفجع وحسن الثناء فقال: يا رباني العباد ويا سكن البلاد أين يقع قولنا من فضلك وأين يبلغ وصفنا من فعلك وأنى نبلغ حقيقة حسن ثنائك أو نحصي جميل بلائك فكيف وبك جرت نعم الله علينا وعلى يدك اتصلت أسباب الخير إلينا، ألم تكن لذل الذليل ملاذا، وللعصاة الكفار إخوانا؟ فبمن إلا بأهل بيتك، وبك أخرجنا الله عز وجل من فظاعة تلك الخطرات؟ أو بمن فرج عنا غمرات الكربات؟ وبمن؟ إلا بكم أظهر الله معالم ديننا واستصلح ما كان فسد من دنيانا حتى استبان بعد الجور ذكرنا وقرت من رخاء العيش أعيننا لما وليتنا بالإحسان جهدك ووفيت لنا بجميع وعدك وقمت لنا على جميع عهدك فكنت شاهد من غاب منا وخلف أهل البيت لنا وكنت عز ضعفائنا وثمال فقرائنا وعماد عظمائنا، يجمعنا في الامور عدلك ويتسع لنا في الحق تأنيك. فكنت لنا انسا إذا رأيناك وسكنا إذا ذكرناك، فأي الخيرات لم تفعل؟ وأي الصالحات لم تعمل؟ ولولا أن الأمر الذي نخاف عليك منه يبلغ تحريكه جهدنا وتقوي لمدافعته طاقتنا أو يجوز الفداء عنك منه بأنفسنا وبمن نفديه بالنفوس من أبنائنا لقدمنا أنفسنا وأبناءنا قبلك ولأخطرناها وقل خطرها دونك ولقمنا بجهدنا في محاولة من حاولك وفي مدافعة من ناواك ولكنه سلطان لا يحاول وعز لا يزاول ورب لا يغالب، فإن يمنن علينا بعافيتك ويترحم علينا ببقائك ويتحنن علينا بتفريج هذا من حالك إلى