فقال لي: كم السكينة من الزهرة جزءا في ضوئها؟ قال: قلت: هذا والله نجم ما سمعت به ولا سمعت أحدا من الناس يذكره، فقال: سبحان الله فأسقطتم نجما بأسره فعلى ما تحسبون؟! ثم قال فكم الزهرة من القمر جزءا في ضوئه: قال: قلت: هذا شيء لا يعلمه إلا الله عز وجل، قال: فكم القمر جزءا من الشمس في ضوئها؟ قال: قلت: ما أعرف هذا، قال: صدقت. ثم قال: ما بال العسكرين يلتقيان في هذا حاسب وفي هذا حاسب فيحسب هذا لصاحبه بالظفر ويحسب لهذا لصاحبه بالظفر ثم يلتقيان فيهزم أحدهما الآخر فأين كانت النحوس؟ قال: فقلت: لا والله ما أعلم ذلك، قال:
فقال، صدقت إن أصل الحساب حق ولكن لا يعلم ذلك إلا من علم مواليد الخلق كلهم.
* الشرح:
قوله: (قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام) كيف بصرك بالنجوم؟ قال: قلت: ما خلفت بالعراق أبصر بالنجوم مني، فقال: كيف دوران الفلك عندكم؟ قال: فأخذت قلنسوتي عن رأس فأدرتها قال: فقال:
إن كان الأمر على ما تقول فما بال بنات النعش والجدي والفرقدين لا ترون يدورون يوما من الدهر في القبلة؟) قيل: المراد بالأمر دور الفلك المبين بإدارة القلنسوة وكأنه أدارها دور عرض تسعين كما هو المتعارف في إدارة القلنسوة ولذا قال (عليه السلام): كما تقول ولم يقل كما يقولون إشارة إلى أنه غلط منه لامن جميع أهل النجوم فإن الفلك في آفاقنا يدور دور الوراب انتهى، وفيه أولا: أنه خلاف محسوس إذ كل ذي حس يعلم أن القطب في جميع العروض ليس في سمت الرأس، وثانيا: أنه في غاية البعد إذا المنجم ادعى أنه كامل في علم النجوم فكيف يدعى ذلك ويقع في هذا الغلط الفاحش والأصوب أن المراد بالأمر أمر المنجم وشأنه أي إن كان أمرك وشأنك على ما تقول من أنك أعرف أهل النجوم بالعراق فما بال الكواكب المذكورة مثلا لا يدورون في سمت القبلة قطر وهذا الاحتمال وإن كان أيضا بعيدا لأن سببه مذكور في علم النجوم يعرفه من له أدنى معرفة به لكن المنجم لم يكن عارفا به وكان دعواه كما المعرفة محض الإدلال، والمراد بالعلم بمواليد الخلق كلهم العلم بحقائقهم وكيفياتهم وآثارهم ونسبة بعضهم ببعض.