الراية ففتح الله عليه» ومثل هذه الروايات موجودة في بقية صحاحهم الستة وفي مسند أحمد بن حنبل من عدة طرق عن عبد الله بن يزيد قال سمعت أبي يقول حاصرنا خيبر وأخذ اللواء أبو بكر فانصرف ولم يفتح له ثم أخذها عمر من الغد فرجع ولم يفتح له وأصاب الناس يومئذ شدة وجهد فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إني دافع الراية غدا إلى رجل يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله كرار غير فرار لا يرجع حتى يفتح الله له فبات الناس يتداولون ليلتهم أيهم يعطاها، فلما أصبح الناس غدوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) كلهم يرجو أن يعطاها فقال: أين علي بن أبي طالب؟ فقالوا: إنه أرمد العين، فأرسل إليه فأتي به فبصق رسول الله (صلى الله عليه وآله) في عينيه ودعا له فبرئ فأعطاه الراية، فمضى علي فلم يرجع حتى فتح الله على يديه» قال عياش: قوله: امش ولا تلتفت حض على التقدم وترك التأني والالتفات هنا: النظر يمنة ويسرة وقد يكون على وجه المبالغة في التقدم ويدل عليه قوله: فسار علي شيئا فوقف ولم يلتفت وقد يكون معنى لا تلتفت: لا تنصرف، يقال: التفت: أي انصرف ولفته انا صرفته ويدو كون: أي يخوضون يقال: هم في دوكة أي في اختلاط وخوض وفي قوله: لئن يهدي الله بك إلى آخره حض عظيم على تعليم العلم والوعظ والتذكير، والمراد بالنعم: الإبل، وحمرها:
خيارها، والمقصود أن ثواب تعليم رجل واحد وإرشاده أفضل من ثواب الصدقة بهذه الإبل النقية لأن ثواب الصدقة ينقطع بموتها وثواب العلم والهدى لا ينقطع إلى يوم القيامة لحديث «إذا مات المرء انقطع عمله إلا من ثلاثة صدقة جارية أو ولد صالح يدعو له وعلم ينتفع به بعد موته» وما دل هذا الحديث من المحبة وغيرها من أعظم فضائل علي وأكرم مناقبه وفيه من علامات النبوة علامتان قوليه وفعلية، فالقولية يفتح الله على يديه وكان كذلك، والفعلية بصقه (صلى الله عليه وآله) في عينيه وكان رمدا فبرئ من ساعته، وقال الآبي في كتاب اكمال الاكمال وفي الاكتفاء لأبي الربيع قال أبو رافع مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله): خرجت مع على رضي الله عنه حين أخذ الراية فلما دنى من الحصن خرج إليه مقاتلهم فضربه رجل من اليهود فطرح ترسه من يده فتناول علي رضي الله عنه بابا كان عند الحصن فترس به عن نفسه فلم يزل في يده وهو يقاتل حتى فتح الله عليه، ثم ألقاه من يده حين فرغ لقدر أيتنى في نفر مع سبعة أناس منهم نجهد أن نقلب ذلك الباب فما نقلبه، وقال بعض أفاضل أصحابنا (ره): في الحديث دلالة قطعية على أن هذه الأوصاف ما كانت في أبي بكر وعمر ألا ترى أن السلطان إذا أرسل رسولا في بعض مهماته ولم يكف الرسول ذلك المهم على وفق رأي السلطان فيقول السلطان: لأرسلن في ذلك المهم رسولا كافيا عالما بالأمور، دل هذا القول من السلطان دلالة قطعية على أن هذه الصفات ما كانت في الرسول الأول وأن الرسول الثاني أفضل من الأول فكذا هنا وبالجملة، قد بان بقوله (صلى الله عليه وآله) ثبوت محبة الله ورسوله في علي (عليه السلام) ولولا اختصاص علي (عليه السلام) بغاية هذه المرتبة لاقتضى الكلام