القلب والله سبحانه عالم بما في القلوب لا يخفى عليه خافيه فلا يجوز عنده من الشهادة مالا يوافق القلب بل هي نفاق وشهادة زور يعذب به (فأجابه وقد عال الذي في صدره) أي اشتد حزنه من ضعف الدين وأهله وتشتت الأمر وتفرق الكلمة بين أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) (وغصص الشجا تكسر صوته) الغصة بالضم والشجا بالفتح والقصر: ما اعترض في الحلق ونشب فيه فالإضافة بيانية والشجا أيضا: الهم والغم والحزن والإضافة حينئذ لامية وتكسر إما من باب ضرب أو من باب التفعيل للمبالغة.
(إعظاما لخطر مرزئته) إعظاما مفعول له لعال أو لأجاب لا ليقطع لعدم إتحاد الفاعل فيهما والمرزئة بالهمزة بعد الراء: المصيبة (ووحشة من كون فجيعته) أي من وجود وثبوتها والفجيعة:
الرزية، سميت بها لأنها توجع من فجعه كمنعه إذا أوجعه وأولمه وكان تلك المرزئة والفجيعة ما رآه من رجوع أكثر أصحابه عنه (ثم شكا إليه) أي إلى الله (هول ما أشفى عليه) أي أشرف (عليه السلام) (من الخطر العظيم) وهو غلبة معاوية عليه (والذل الطويل) لقلة الأعوان له (في فساد زمانه) بما صنع أصحاب الجمل وحاكم الشام وعمرو بن العاص ومن قبلهم (وانقلاب حده) بالحاء المهملة المرتبة وبالجيم المفتوحة: البخت والحظ والعظمة (وانقطاع ما كان من دولته) كأنه علم ذلك بمشاهدة أحوال الناس ورجوعهم عن الحق (ثم نصب المسألة إلى الله عز وجل بالامتنان عليه) أي بالإحسان إليه والإنعام عليه (والمدافعة عنه) كيد الأعداء وضرر الأشقياء (بالتفجع وحسن الثناء عليه) (عليه السلام) أو على الله، والظرف حال عن فاعل نصب والتفجع توجع الإنسان للمصيبة وإظهار التألم بشيء يثقل عليه ويكرهه (فقال: يا رباني العباد) في الفايق: الرباني: منسوب إلى الرب بزيادة الألف والنون للمبالغة، وهو العالم الراسخ في العلم والدين الذي أمر به الله أو الذي يطلب بعلمه وجه الله وقال بعضهم: العالم الرباني: العالم العامل المعلم (ويا سكن البلاد) السكن بالتحريك: ما يسكن وقد يسكن والرحمة والبركة.
(ألم تكن لذل الذليل ملاذا) فيه تقرير وتصديق بأنه (عليه السلام) كان ملاذا للأذلاء بالفقر أو الجهل والجور عليهم يدفع عنهم الذل بهذه المعاني (وللعصاة الكفار إخوانا) في بعض النسخ خوانا الخوان بالكسر وكغراب وكتاب: ما يوضع عليه الطعام عند الأكل والإخوان لغة فيه وكأنه شبهه (عليه السلام) به في أنهم يأخذون من مائدة علومه فيصيرون مؤمنين، وقيل: الإخوان: الأسد ولو ثبت فهو هو (من فظاعة تلك الخطرات) أي خطرات يوم القيامة لتبادرها وإن لم يسبق لها ذكر أو خطرات الذل والمعصية والكفر والجهل (أو بمن فرج عنا غمرات الكربات) الغمرة في الأصل: ما يغمرك من الماء ويغطيك ثم كثر استعمالها في الشدة، والكربة: حزن يأخذ النفس ويقلق الروح والظاهر أن فيه حذفا وهو الأبكم بقرينة السابق واللاحق والإضافة على إرادة الماء من قبيل لحين الماء، والوجه الإهلاك وعلى ادة الشدة (لامية وبمن الا بكم، أظهر الله معالم