شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١٢ - الصفحة ٥٠٥
لا نعطي حقك حتى تعطي حقنا، فيقال لهم أي حق لكم عليه وأنتم وكل مالكم من حقوقه عليكم (ولعدله في كل ما جرت عليه ضروب قضائه) مثل الفقر والمصيبة والمرض وأمثالها فإن القضاء بجميع ذلك مصلحة وحق عليهم وليس لهم في مقابله حق عليه وأيضا هو عادل يفعل ما ينبغي فلو أجرى أن له حقا عليهم لا عليه لكان عدلا، ثم أشار إلى استثناء نقيض التالي باستثناء ملزومه بقوله (ولكنه جعل حقه على العباد أن يطيعوه وجعل كفارتهم عليه بحسن الثواب) ضمير عليه راجع إلى الله تعالى أو إلى حقه على العباد والمراد بحسن الثواب الثواب الكامل أو المضاعف وبالكفارة جزاء الطاعة سماه كفارة لأنه يكفر أي يستر ويدفع عنهم ثقل الطاعة ومعناه لكنه جعل له على عباده حقا هو طاعتهم له ليثبت لهم بذلك حقا عليه وهو جزاء طاعتهم، فقد ثبت أن ذلك لم يخلص لله تعالى بل كما أوجب له على عباده حقا أوجب لهم على نفسه بذلك حقا فإذن لا يجري لأحد حقا إلا جرى عليه وهو نقيض المقدم، ثم نبه بأن ما جعله لهم من حسن الثواب ليس بحق وجب عليه بل تفضل منه بكرمه وتوسعه عليهم بما هو أهله من مزيد النعم ليقابلوا ذلك التفضل بمزيد الشكر وليتأدبوا بآداب الله في أداء ما وجب عليهم من حق الغير ولو لم يكن لذلك الغير حق عليهم (فقال تفضلا منه وتطولا بكرمه وتوسعا بما هو من المزيد له أهلا) هو مبتدأ راجع إلى «ما» وله خبر والضمير له تعالى أو بالعكس و «من» بيان لما، وأهلا في أكثر النسخ بالنصب على التميز أو الحال، وفي بعضها بالرفع على أنه خبر لهو، وله متعلق به وهو حينئذ راجع إلى الله وضمير له إلى «ما».
(ثم جعل من حقوقه حقوقا فرضها لبعض الناس على بعض) هذا كالمقدمة لما يريد أن يبينه من كون حقه عليهم وحقهم عليه واجبين إذ بين فيها على وجه كلي أن حقوق الخلق بعضهم على بعض هي من حقوق الله تعالى من حيث أن حقه على عباده هو الطاعة له وأداء تلك الحقوق طاعة له وإنما عدها من حقوقه تعالى لأنه أدعى لهم على أدائها وحفظها (فجعلها تكافئ وجوهها) أي جعل الحقوق التي فرضها لبعض الناس على بعض تتكافئ وتتساوى وجوهها بأن جعل كل وجه من تلك الحقوق مقابلا بمثله منه وهو العدل فيهم وحسن السيرة، كحق الوالي على الرعية وبالعكس، وحق المالك على المملوك وبالعكس، وحق الوالد على الولد وبالعكس، وحق الزوج على الزوجة وبالعكس، وقس على ذلك ثم أكد ذلك بقوله (ويوجب بعضها بعضا) كهداية الوالي وطاعة الرعية مثلا فإن الأولى توجب الثانية وبالعكس (ولا يستوجب بعضها ببعض) أي لا يتحقق ولا يستحق الوجوب بعض تلك الحقوق إلا بأن يتحقق الآخر المقابل له ويستحق الوجوب ثم أشار إلى ما هو المقصود بيانه أصالة بقوله:
(فأعظم مما افترض الله تبارك وتعالى بعضها من تلك الحقوق حق الوالي على الرعية وحق الرعية على الوالي) لأن هذين الحقين أمران كليان يدور عليهما سائر الحقوق وأكثر المصالح في
(٥٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 500 501 502 503 504 505 506 507 508 509 510 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 حديث الرياح 3
2 حديث أهل الشام 9
3 حديث الجنان والنوق 17
4 حديث أبي بصير مع المرأة 27
5 [في حب الأئمة] 39
6 حديث آدم (عليه السلام) مع الشجرة 52
7 حديث نصراني الشام مع الباقر (عليه السلام) 71
8 حديث أبي الحسن موسى (عليه السلام) 73
9 حديث نادر 83
10 «حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله)» 91
11 حديث عيسى ابن مريم (عليهما السلام) 96
12 حديث إبليس 139
13 حديث محاسبة النفس 141
14 حديث من ولد في الاسلام 155
15 حديث زينب العطارة 167
16 حديث الذي أضاف رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالطائف 171
17 حديث الناس يوم القيامة 180
18 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 204
19 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 215
20 حديث قوم صالح (عليه السلام) 243
21 حديث الصيحة 279
22 حديث يأجوج ومأجوج 293
23 حديث القباب 311
24 حديث نوح (عليه السلام) يوم القيامة 372
25 حديث أبي ذر رضى الله عنه 417
26 حديث الفقهاء والعلماء 433
27 حديث الذي أحياه عيسى (عليه السلام) 479
28 حديث إسلام علي (عليه السلام) 481
29 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 501
30 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 517
31 حديث العابد 555
32 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 557