الشياطين لا يعلمون الأمور الكائنة قبل وقوعها وإلا لما حزنوا بأخذ الميثاق (فينخر) أي يمد الصوت في خياشيمه (ويكسع) أي يضرب دبره بيده أو رجله أو بكليهما، ويحتمل أن يكون هذا منه حقيقة لأنه جسم وأن يكون استعارة على سبيل التمثيل.
* الأصل:
542 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن سليمان، عن عبد الله بن محمد اليماني، عن مسمع بن الحجاج، عن صباح الحذاء، عن صباح المزني، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: لما أخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله) بيد علي (عليه السلام) يوم الغدير صرخ إبليس في جنوده صرخة فلم يبق منهم أحد في بر ولا بحر إلا أتاه فقالوا: يا سيدهم ومولاهم ماذا دهاك فما سمعنا لك صرخة أوحش من صرختك هذه؟ فقال لهم: فعل هذا النبي فعلا إن تم لم يعص الله أبدا فقالوا: يا سيدهم أنت كنت لآدم، فلما قال المنافقون: إنه ينطق عن الهوى وقال أحدهما لصاحبه: أما ترى عينيه تدوران في رأسه كأنه مجنون - يعنون رسول الله (صلى الله عليه وآله) - صرخ إبليس صرخة بطرب فجمع أولياءه فقال: أما علمتم أني كنت لادم من قبل؟ قالوا: نعم قال: آدم نقض العهد ولم يكفر بالرب وهؤلاء نقضوا العهد وكفروا بالرسول فلما قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأقام الناس غير علي (عليه السلام) لبس إبليس تاج الملك ونصب منبرا وقعد في الوثبة وجمع خيله ورجله ثم قال لهم: اطربوا لا يطاع الله حتى يقوم الإمام.
وتلا أبو جعفر (عليه السلام): (ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين) قال أبو جعفر (عليه السلام):
كان تأويل هذه الآية لما قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله)، والظن من إبليس حين قالوا لرسول الله (صلى الله عليه وآله): إنه ينطق عن الهوى فظن بهم إبليس ظنا فصدقوا ظنه.
* الشرح:
قوله: (فقالوا يا سيدهم ومولاهم) لم يضف إلى ضمير المتكلم مع أنه مراد لكراهة تلك الإضافة (ماذا دهاك) أي شيء أصابك بداهية وأمر عظيم أوجد فيك هذه الصرخة؟ فقالوا: تسلية له (يا سيدهم أنت كنت لادم) مع كمال علمه وفضله وقربه بالرب فإضلال هؤلاء الجهلة عندك أسهل (قال آدم نقض العهد ولم يفكر بالرب) لإقراره بربوبيته وطاعته وصحة أمره، وإنما فعل ما كان تركه أولى (وهؤلاء نقضوا العهد وكفروا بالرسول) لأنهم أنكروا رسالته وأمره ونسبو القول بالهوى والجنون اليه (صلى الله عليه وآله) وإنما لم يقل وكفروا بالرب مع أنه الأنسب بالسابق للإشعار بأن الكفر بالرسول كفر بالرب (ولقد صدق عليهم إبليس ظنه) بردهم الخلافة بعد النبي (صلى الله عليه وآله) عن وصية فوجدوه صادقا فصدقوا ظنه وأذعنوه بفعل مظنونه.
* الأصل: