أو من صلب إسحق (عليهما السلام) لأن الوراء يحتمل كليهما قلت الوراء ولد الولد كما صرح به في القاموس وبه فسره بعض المفسرين على أن المتبادر منه هو الثاني (فقالت ما قال الله عز وجل وأجابوها بما في الكتاب العزيز) (قالت يا ويلتي أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا إن هذا لشيء عجيب قالوا أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد) الويلة قد يرد بمعنى التعجب كما صرح به في النهاية أي يا عجبا احضر فهذا وقتك وأوان حضورك وإنما تعجبت نظر إلى العادة لا إلى القدرة الإلهية لأنها كانت بنت تسعة وتسعين وبعلها ابن مائة وعشرين كما قيل، وحصول الولد لمن في هذا السن أمر عجيب بحسب العادة (فقال إبراهيم (عليه السلام) لهم فيماذا جئتم؟ قالوا له: في إهلاك قوم لوط) كما حكى في القرآن الكريم (قال فما خطبكم أيها المرسلون قالوا إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين) هم قوم لوط (لنرسل عليهم حجارة من طين) أي من طين متحجر، مسومة: أي معلمة عند ربك للمسرفين المتجاوزين عن الحد من أسمت الخيل إذا أرسلتها أو معلمة من المسومة بالسمة وهي العلامة، وفي القاموس مسومة عليها أمثال الخواتيم أو معلمة ببياض وحمرة ليعلم أنها ليست من حجارة الدنيا، وقيل: معلمة بأسماء هؤلاء المسرفين (فقال: ان كان فيها مائة الف - إلى قوله - فإن فيها لوطا) وإنما لم يكتف (عليه السلام) أولا بذكر الواحد ليحتج عليهم بأن حرمة المؤمن الواحد كحرمة الكثير فإذا لم تهلكهم مع فرض وجود الكثير فيهم فكيف تهلكهم مع وجود الواحد؟
قال ذلك شفاعة وشفقه على عباد الله وتوهم أن إهلاكهم في معرض البداء فلذلك مدحه تعالى (وقال فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى يجادلنا) أي يجادل رسلنا في قوم لوط ومجادلته إياهم قوله (إن فيها لوطا إن إبراهيم لحليم) كثير الحلم غير عجول على الانتقام من المسئ إليه (أواه منيب) أي كثير التأوه من التقصير والتأسف على الناس وكثير الرجوع إلى الله تعالى ثم نبه جل شأنه بأن عذابهم أمر محتوم لا تدفعه الشفاعة ولا الجدال والدعاء بقوله (يا إبراهيم أعرض عن هذا أنه قد جاء أمر ربك وأنهم آتيهم عذاب غير مردود). (فندم على عرضه عليهم المنزل) كما دل عليه قوله تعالى (وضاق بهم ذرعا وقال هذا يوم عصيب) أي ضاق صدره لعلمه بأن عاجز عن دفع المكروه عنهم والعصيب الشديد (أقبلوا يهرعون إلى الباب) أي يسرعون من الهرع محركة: وهي مشي في اضطراب وسرعة وإنما بنى الفعل للمفعول للتنبيه على شدة اضطرابهم وسرعتهم حتى كأنهم يدفع بعضهم بعضا ويحثه على السرعة (فقال يا قوم اتقوا الله ولا تخزون في ضيفي أليس منكم رجل رشيد) نسبهم أولا إلى ذاته المقدس فقال يا قوم طلبا للترحم والتعطف، وأمرهم ثانيا بتقوى الله وترك ما أرادوا من الفاحشة; ونهاهم ثالثا عن خزيه في شأن ضيفه لأن خزي الضيف خزي المضيف وخجالته خجالته، وعيرهم رابعا بعدم الرشد والرجوع إلى الحق